السبت، 29 يوليو 2017

الشرطية المتصلة اللزومية والاتفاقية

الشرطية المتصلة اللزومية والاتفاقية

قال المحقق الطوسي رحمه الله : ومن المتّصلة لزومية ومنها اتفاقية
-
الشرح : معنى كونها متّصلة لزومية أي أنّ الاتصال الحاصل بين المقدّم والتّالي هو بحكم العقل، يعني يكون المقدّم مع التالي ضرورة من ضرورات أحكام العقل ، أمّا إذا كان الاتّصال الحاصل بينهما ليس عقليًا وإنّما اتفاقيًا، يعني اتفقا كثيرًا إذا حصل الأوّل حصل الثاني فتسمى متّصلة اتفاقية.
ومثال اللزومية ( كلما كان العدد زوجيًا فهو يقبل القسمة إلى عددين متساويين) فهذه ضرورة عقلية إنّ الاثنين تنقسم إلى عددين متساووين وهما 1 + 1 
ومثال الاتفاقية ( كلّما بزغ الفجر ، صلّى زيدٌ) فيمكن لزيد ألّا يصلي ولا يحدث شيء فليس هو شيء لزومي الحدوث فلا ملازمة عقلية بينهما.

مناط الصدق في القضايا الشرطية

مناط الصدق في القضايا الشرطية
-
قال المحقق الطوسي رحمه الله : هذا التأليف يخرج أجزاءها على أن تكون قضايا، فيصير الإيجاب والصدق ومقابلاهما متعلّقًا بالربط، ولا يلتفت بها إلى أحوال أجزائها
-
الشرح : نحن قلنا في القضية الشرطية أنها تكون مؤلّفة من قضايا وهذه القضايا قد تكون حمليات وقد تكون شرطيات وقد تكون متنوعة بينهما، فإذا ركّبنا القضية الحملية أو القضية الشرطية في ضمن قضية شرطية، فحينئذٍ لا تسمى تلك الحملية قضية أو تلك الشرطية قضية لأننا اشترطنا في القضية بأن تكون مركب تام، فالشرطية إذا كانت جزء من القضية الشرطية فإنها تكون مركّب ناقص، والمركب الناقص ليس بقضية، فلا يصحّ وصف أجزاء القضية الشرطية بالصدق أو الكذب لأنها مركبات ناقصة، فإذا كان المقدّم والتّالي لا يصحّ وصفهما بالصدق أو الكذب ، فكيف نسمي القضية الشرطية إذًا بأنها قضية ؟ وجواب ذلك المناط في صحة القضية الشرطية ليس هو المقدّم وليس هو التالي بل هو نفس الربط بين المقدّم والتالي، فنحن نحكم على هذا الربط بأنه صادق أو كاذب، فإذا كانا مترابطين فهي قضية صادقة وإن كانا ليسا بمترابطين فهي كاذبة فمثلًا لو قلنا :
"الشمس طالعة" فهي قضية حملية يصح وصفها بالصدق أو الكذب
وكذا "النهار موجود" فهي قضية حملية يصحّ وصفها بالصدق أو الكذب
لكن إن أدخلناها كجزء في قضية شرطية ، فلا تصير قضايا أصلًا، فإذا قلنا : 
(إذا طلعت الشمس) تصبح مركب ناقص وليست بقضية وكذا (فالنهار موجود) 
فإذا قلنا (إذا طلعت الشمس فالنهار موجود) خرج قولنا "الشمس طالعة" و "النهار موجود" على أن تكون قضيتين فيكون الصدق والكذب متوجهًا إلى الاتصال والربط بين المقدّم والتالي، وكذا المنفصلة إن كان العناد ثابت فهي موجبة وإن لم يكن ثابتًا فهي سلبية 

أقسام القضية الشرطية بحسب التركيب

أقسام القضية الشرطية بحسب التركيب 
-
قال المحقق الطوسي رحمه الله : وقد تتألف الشرطيات من الحمليات والشرطيات مرة بعد أخرى 
-
الشرح : شرع المحقق الآن في بيان أجزاء القضية الشرطية فقال الشرطية قد تتألف من حمليات (قضايا حملية) وقد تتألّف من شرطيات أو بعضها شرطيات والبعض الآخر حمليات، والشرطية قد تكون منفصلة أو متّصلة ، فينقسم ما تركّب مه الشرطيتين إلى (متصلتين) أو ( منفصلتين ) أو (حملية - منفصلة) أو (حملية - متصلة) ، ولمّا كان مقدّم المتصلة متميّزًا عن التالي بخلاف المنفصلة ، كانت أقسام المتّصلة تسعة أقسام والمنفصلة ستة وأقسام : وهذه أمثلة على المتّصلة 
-

وهذه أمثلة المنفصلة :
-
 

القضية الشرطية وأقسامها

القضية الشرطية وأقسامها
.
قال المحقق الطوسي رحمه الله : والتأليف الثاني يكون من القضايا والمؤلّف منها شرطية ويسمى جزءاها مقدّمًا وتاليًا وهو إمّا بمصاحبة أو سلبها وتسمى متصلة أو بمعاندة أو سلبها وتسمى منفصلة
-
الشرح : كما مرّ في الدروس السابقة أنّ التأليف الأول يتألف من مفردات تامة ويختص هذا التأليف بالقضية الحمليّة، بينما التأليف الثاني يتألف من القضايا، ولمّا كان الحكم بين القضيتين ليس إنّ إحدى القضيتين هي الأخرى كما في الحملية كقولنا : " إذا طلعت الشمس فالنهار موجود " فهل طلوع الشمس هو نفسه طلوع النهار ؟ لا ، بل هما متصاحبان في الوجود، فمنشأ الربط بينهما هو وجود ملازمة بعض القضايا لبعضٍ كما في الشرطية المتّصلة، أو يكون منشأ الربط بين القضيتين هي المعاندة وهي الشرطية المنفصلة
وهذا التركيب بين القضايا كما عرفت يسمى بالشرطية ولكن تسميته في الشرطية المتّصلة يكون حقيقيًا لوجود أدوات الشرط فيها بينما في المنفصلة تسمى شرطية مجازيًا لتشابه المنفصلة مع المتّصلة في أنها مؤلّفة بين قضيتين ،، ويسمى الجزءان في هذا التركيب مقدّمًا وتاليًا .
 فالمقدّم في المتّصلة هو الذي يقرن به حرف الشرط وهو كقولنا (إن كانت الشمس طالعة)  " إن" حرف شرط 
والتالي هو الذي يقرن به حرف الجزاء وهو قولنا "فالنهار موجود"   (ف) حرف الجزاء والتّفريع
-
وأمّا في القضية المنفصلة أيهمّا جعلته مقدّما وتاليًا فهو صحيح، فقولك "العدد إمّا زوجيّ أو فرديّ" صحيح وقولك : العدد إمّا فرديّ أو زوجيّ " فهو صحيح..
فنقول : الشرطيّة إمّا متّصلة وهي التي حكم فيها بالمصاحبة بين شيئين  أو سلب تلك المصاحبة كقولنا في الإيجاب (إذا طلعت الشمس فالنهار موجود) وفي السلب كقولنا (ليس إذا طلعت الشمس فالخفاش ببصير)
وإمّا منفصلة  وهي التي حكم فيها بالمعاندة بين جزئيها أو بسلي تلك المعاندة كقولك (العدد إمّا زوج أو فرد) وفي السّلب (ليس العدد إمّا زوج أو ينقسم إلى متساويين) 
والرابطة في المتّصلة هي حرف الشرط وحرف الشرط، ورابطة المنفصلة أدوات المعاندة ( إمّا ، أو).

الخميس، 27 يوليو 2017

القضية الحملية وأقسامها

القضية الحملية وأقسامها
.
القضية المؤلّفة بين المحكوم عليه والمحكوم بهِ هي القضية الحملية، والقضية الحملية تنقسم إلى موجبة وسالبة، فالموجبة يُحكَم فيها بكون المحمول مقولًا على ما يقال عليه موضوع فالمحمول ليس هو ذات الموضوع سواء كان هذا الموضوع ذات أم صفة مع ذات، فعندما نقول (الإنسان كاتب) فالإنسان هنا ذات،  والكاتب ليس هو نفس مفهوم الانسان بل الكاتب هو ما يُقال عليه إنه انسان أو كقولنا (الضاحك كاتب) فالضاحك هي ذات مع صفة وأنت حكمت بالكاتبية على ما يقال عليه أنه ضاحك وهذه كلها أحكام موجبة
وإمّا أن تكون القضية سالبة وهي بعكس الموجبة ومعناها ما يكون المحمول فيها مسلوبًا عما يقال عنه أنه موضوع سواء كان ذات أو ذات مع صفة كقولنا (الانسان ليس بكاتب) أو (الضاحك ليس بكاتب) 

تابع أجزاء القضية

أجزاء القضية
.
قال المحقق الطوسي رحمه الله : والتأليف الأوّل يكون من مفردات تام الدلالة وجزءاه الموضوع وهو -اسم لا محالة- ومحمول تربطه به رابطة وقد لا يتلفّظ بها
-
الشرح : القضية الخبرية هي تأليف وربط، فأنت تؤلّف وتربط بين شيئين، فالتأليف يكون بين المفردات، فاذا كانت قضية خبرية حملية اكتفينا بالربط بين المفردات والتأليف لا يكون إلّا تام الدّلالة حتى يمكن وصف هذا التأليف (القضية) بالصدق أو الكذب، لأن منشأ التأليف بين المفردات هي أن تكون خبرًا، وهذا التأليف التام الدلالة يتكوّن من جزئين وهما :
  1.  المحكوم عليه وهو (الموضوع) ولا يكون إلّا اسم لأن الذي يصحّ أن يخبر عنه ليس إلّا الاسم 
  2. الحكم وهو (المحمول) ورابطة تربط بين المحمول والموضوع 
ووجود رابطة بين الموضوع والمحمول ضروري وإلّا لما تكونت جملة خبرية توصف بالصدق أو الكذب وإلّا لكانت مفردات متناثرة متبعثرة ولكن هذه الرابطة إمّا أن يتلفّظ بها أو لا كأن تقول زيد كاتب أو تقول زيد هو كاتب فزيد كاتب قضية ثنائية بدون التلفظ بالرابطة إلّا أنها موجودة وزيد هو كاتب قضية ثلاثية وما تُلفّظ بالرابطة، والتلفّظ بها من عدمه ليست قاعدة منطقية بل هي قاعدة لغوية

الثلاثاء، 25 يوليو 2017

أجزاء القضية

أجزاء القضية
.
قال المحقق الطوسي رحمه الله : كلّ قضية تشتمل على جزئين ما يحكم عليه وما يحكم به
الشرح : القضية كما قلنا في الدروس السابقة هي الجملة الخبرية، الآن نريد أن نعطي أحكام القضايا، وهذا محل بحث المنطقي في علم المنطق هي القضايا وأحكامها، إذًا القضايا عبارة عن أمورٍ حُكمية، وواضح أن كلّ حكم يحتاج إلى ركنين على الأقل فركنٌ هو حكم وركنٌ هو محكومٌ به، إذًا القضايا هو أمور تصادقية، فنحن عندما نقول أ ب لا نقصد أن مفهوم أ هو مفهوم ب بل المقصود أن ما يصدق عليه أنه أ يصدق عليه أنه ب، وبعبارة أوضح عندما نقول ( زيدٌ انسان) لا نقصد أن مفهوم زيد هو مفهوم الانسان بل ما صدق عليه أنه زيد صدق عليه هو عين ما صدق عليه أنه انسان، إذًا الأحكام تدلّ على التّصادق بين الأول والثاني، وإمّا أن تكون القضايا تحكم بمصاحبة الثاني إلى الأول، بمعنى أن الثاني في وجوده مصاحبٌ لوجود الأول فليس الثاني هو مصداقٌ للأوّل، وإنّما حصول الأوّل هو مصاحب لحصول الثاني وهذه نراها في القضايا الشرطية المتصلة، فعندما نقول (إذا طلعت الشمس فالنهار موجود) هل يعني أن طلوع الشمس مصداق لطلوع النّهار؟ لا، وإنّما نقصد بأنهما متصاحبان في الوجود، وإمّا أن تكون القضايا لا تصادقية ولا تصاحبية وإنّما تكون بالمعاندة وهذه تكون في القضايا الشرطية المنفصلة بمعنى وجود أحدهما معاند لوجود الآخر فلا يتصاحبان في الوجود فإمّا الأول أو الثاني كقولنا (العدد إمّا زوجي أو فرديّ).

الاثنين، 24 يوليو 2017

المركب التام الخبري والانشائي

المركب التام الخبري والانشائي

.
ذكرنا في الدّرس السابق أن الأقاويل منها القول الناقص والقول التام، ومن تلك الأقاويل التامة : 
  • المركب التام الخبري : المركب التام الخبري هو الذي يعرض له لذاته بأن يكون صادقًا أو كاذبًا، فالحكم على الشيء فرع وجوده، إذ لا بدّ أن يكون موجودًا حتى يُحكم عليه، فوصف الصدق والكذب للخبر يكون عارضًا له لأنه وصف له بعد وجوده ويسمى المركب التام الخبري بالقول الجازم أو القضية ومثاله كقولنا : (الإنسان حيوان)  فإنه يصحّ على هذه الجملة توارد الصدق أو الكذب ، وهو المستخدم في صناعات العلوم 
-
  • المركب التام الانشائي : وهو من المركبات التي لا تحتمل الصدق والكذب لذاتها فهذا المركّب إمّا أن يدلّ على طلب فعل  وهو على ثلاث أقسام 
  1. إن كان مع الاستعلاء فهو الأمر 
  2. وإن كان مع الخضوع فهو الدعاء
  3. وإن كان مع التساوي فهو الالتماس 
وإمّا أن لا يدلّ على طلب فعل فهو التنبيه ويندرج تحت التنبيه التمنّي والترجي ، والتمنى كقول القائل :
(يا ليت الشباب يعود يوماً) فهذه ليست جملة خبرية ولا هو طلب فعل وإنّما هو قول يريد منه القائل أن يبرز انفعالاته النفسيّة وينبّهك عليها
والترجي هو كقول القائل ( لعلّ المسافر يعود) فهذه أيضًا ليست خبر ولا طلب فعل، وإنّما أيضًا يريد أن يبين حقيقة مشاعره وترجيّاته ، والفرق بين التمني والترجي، أن التمنى هو ما يؤس من حصوله والترجي هو ما يُرجى وقوعه، وهذه المركبات كثيرة في صناعات الخطابات والشعر ، فترى الشاعر والخطيب يكثر من التمني والترجي والنداء الخ..
-
  • تنبيه :  المركبات التامة الإنشائية قد تحتمل الصدق أو الكذب لكن لا لذاتها وإنّما بالعَرض فمثلًا قول القائل :  (اعطني صدقة) فترد عليه (اذهب عني فأنت كاذب) فاعطني صدقة هذا أمر والأمر لا يحتمل الصدق والكذب لذاته ، وإنّما يحتمل الصدق أو الكذب للازمه فلازم قول (اعطني صدقة) يريد أن يبين الطالب للمطلوب منه بأنه فقير مستحق للصدقة لكنه كذّب هذا اللازم ، فالصدق والكذب ينسبان للازم لا للذات.

القول التام والقول الناقص

القول التام والقول الناقص
.
الأقاويل أنواع، ومعنى القول هو ما كان مؤلّفًا من مفردتين فأكثر، إذًا القول هو مركّب من مفردتين، والقول المركّب ينقسم إلى 
  1. قول تام 
  2. قول ناقص وهو على قسمين أيضًا : 
  • قول ناقص تقييدي 
  • قول ناقص غير تقييدي 
فالقول التّام هو الذي يفيد تمام معنى الكلام كأن تقول (زيدٌ في البيت)، بينما القول الناقص لا يفيد تمام معنى الكلام، وهذا القول الناقص على قسمين كما ذُكر الأعلى تقييدي وغير تقييدي، والضابطة بينهما هو أن مجموع مركبات االقول التقييدي ترجع إلى مفردة واحدة ؛ أي أنّ المدلول عليه بالقول التقييدي هو شيء واحد كأن تقول (حيوان ناطق) فهذا قول مركب ناقص لا يفيد تمام معنى الكلام إذ أن قول (حيوان ناطق) تمّ تقييد الحيوانية بالناطقية للتوضيح فالناطق هو حيوان، ولهذا نقول القول التقييدي لا يرجع إلّا إلى مفردة واحدة وهي (الإنسان) ولهذا القول التقييدي يكون في قوّة المفردة
-
وأمّا غير التقييدي فهو بعكس التقييدي فلا يصحّ ارجاعة إلى معنى واحد، بل هو القول غير التقييدي كل جزء منه يحمل معنى غير الآخر ، كأن تقول ( زيد في ) فهذ قول ناقص لا يفيد تمام معنى الكلام إلّا أنه غير تقييدي لأن زيد له معنى وفي لها معنى آخر فزيد ليس هو في . 

الأحد، 23 يوليو 2017

الفصل الثالث ؛ الدلالة

في القضايا وأحوالها
.
أنهينا في الفصل الأوّل من هذا الكتاب في بيان أحوال المفرد فبيّنا في الفرد متى يكون ذاتيّ للشيء ومتى يكون عرضيٌ وإذا كان هو ذاتيّ فهل هو تمام حقيقة الذات أم جزؤها، وإن كان عرضيًا فهل هو عرضي عام أم خاص وهذا كلّه قد تقدّم في الدروس السابقة فليراجع ، والكلام فعلًا الآن في أحوال (المركّب) وهو الأهم، لأن المنطقيّ يريد ميزان ليعرف الصحيح من الخطأ، والصواب والخطأ من أحكام المركبات وخصوصًا الجمل الخبرية 
-
الدلالة
-
قال المحقق الطوسي (رحمه الله) : وجود الشيء في الكتابة بحسب الأغلب يدلّ على وجوده في العبارة ...
-
بيان ذلك : لدينا وجود (مكتوب) وعندنا وجود (لفظي)، فيعني أن وجود الشيء في الكتابة يدّ على الوجود اللفظي لكن ليس بالضرورة ، فمثلًا لو رسمنا هذه الرسمة ◻️ فهذه تدلّ على الوجود اللفظي لها ألا وهو (المربع) ولكن قد توجد كتابة ليس لها دلالة في العبارة واللفظ لكن معناه ينتقل إلى الذهن إلّا أنه لا يُعرف لفظه، فتكون الدلالة المكتوبة واللفظيّة بالوضع
مثال ذلك : أن نجعل شعارًا مكتوبًا معينًا دالًا على اسم منظمّة معيّنة ، وهذا معنى الوضع بأن  الانسان هو من يضع هذه الدلالة، أمّا الوجود الذهني هو الذي يدلّ على الأعيان الخارجية (الواقع الخارجي) فهذه الدلالة دلالة طبعية، فلا يختلف ذهن أعجمي عن ذهن عربي، نعم قد يختلفوا في اللفظ والكتابة، أمّا ما في صور أذهانهم فهي واحدة في الأعيان الخارجية، فإذًا لدينا الوجود الذهني وهو طرف والوجود الخارجي طرف مقابل ويتوسّط هذين الطرفين  (الوجود الكتبي واللفظي) فالوجود اللفظي والكتبي يدلّّان على الوجود الخارجي أو ما في الذهن ، فيتم نقل مافي ذهني إلى ذهن الآخر بالكلام أو الكتابة، وأحيانًا أريد أن أنقل مافي الواقع الخارجي إلى الذهن ؛ كأن أنقل حدث معيّن في الخارج إلى ذهن شخص آخر.

السبت، 22 يوليو 2017

أقسام التقدّم والتأخّر

أقسام التقدّم والتأخّر
.
من الموضوعات التي تخدمنا في علم المنطق معرفة أنواع التقدّم والتأخّر، فعندما نقول (أ) متقدّم على (ب) فهل منشأ التقدّم واحد أم هو عدّة لحاظات ؟ هو عدّة لحاظات لأن قولنا الأب متقدّم على الابن ليس كقولنا العلّمة متقدّمة على المعلول. 
-
ومن أقسام التقدّم والتأخر :
  • التقدّم بالزمان ، فالمتقدِّم والمتأخِّر يكون متقدِّمًا ومتأخّرًا بلحاظ الزمان كالأب وابنه، فالأب متقدِّم على الابن بالزمان لا بالعلية 

  • التقدّم بالذات ، بأن يكون في المتقدّم شأنية تامة تقتضي أن يكون المتقدّم متقدّمًا على المتأخر، فالتقدّم هو لازم ذاتيّ لهذا المتقدِّم لا ينفك عنه كتقدّم (العلة على المعلول)

  • التقدّم بالطبع، أن يكون المتقدِّم متقدّمًا على المتأخّر بالطبع كالواحد والاثنين، فيقصد بالتقدم الطبعي هو التقدّم بالذات إلّا أن الفرق بينهما أنّ التقدّم بالذات باالضرورة يوجد المتأخر بعده، أمّا المتقدّم بالطبع فلا يشترط وجود المتأخر بعده فوجود الواحد لا يلزم منه وجود الاثنين بينما العلّة التامة يلزم من وجودها وجود معلولها

  • التقدّم بالوضع، وهو ما يريد الشخص نفسه أن يلحظه بمعنى أنها راجعة للمشيئة الشخصية كأن تضع القلم أمام الدفتر وتقول القلم متقدّم على الدفتر أو العكس

  • التقدّم بالشرف، فيكون المتقدّم بالنّسبة إلى المتأخّر أشرف منه بلحاظ اعتبارات مهمة بالنسبة للشخص مثلًا فيقال (أ) متقدّم على (ب) بالشرف مثل العالِم فهو أشرف من الجاهل

الخميس، 20 يوليو 2017

أقسام التقابل

أقسام التقابل
.
.
أقسام التقابل أربعة :
-
أوّلها (الإيجاب والسّلب) كقولنا [ فرس / لا فرس ] وهذا التقابل الواقع بين الإيجاب والسلب ليس بلحاظ الواقع الخارجي وإنّما هو بحسب الاعتبار الذهني  فالذي هو "لا فرس" ليس متحققًا في الخارج وليس له فرد ، بل عندما حكم الذهن بوجود فرس في الخارج نفى الاعتبار الثاني . 
-
وثانيها : (الضدان)
الضدين بحسب التعريف المشهور أمران ينسبان إلى موضوع واحدٍ لا يجتمعان فيه ( كالذكورة والأنوثة) فهما لا يجتمعان في  في الفرد الواحد وهذا تعريف بالمشهور
.
وأمّا تعريف الضدين على التّحقيق كون الضدين موجودين، في غاية التخالف، تحت جنسٍ قريب فلا يجتمعان، ويجوز ارتفاعهما عن الموضوع، فبحسب اصطلاح الحكماء فيطلق الضدين على كل وجودييّن (أمران وجوديان) بينهما غاية التباعد ، لأن الشيء لا يتضاد مع مراتب وجوده بل يجب أن يكونا في غاية التخالف والتباعد وبشرط أن يندرجا تحت جنسٍ قريب (كالسواد والبياض) واشترطنا اندراجهما تحت جنسٍ قريب لأن السواد والحلاوة مثلًا أمران وجوديان وبينهما غاية التباعد والتخالف إلّا أنّهما غير متضادين.
-
وثالثها : الملكة والعدم 
وأمّا الملكة والعدم ففيها قول مشهوري وتحقيقي ، فتعريف الملكة عند المشهور هو ما يوجد في موضوعٍ وقتٍ ما ويمكن أن ينعدم عنه ولا يوجد بعده (كالابصار والعمى) ، فالقول المشهوري يشترط ( وجود القدرة بالفعل على الابصار) وأن تعدم ولا يمكن أن ترجع هذه الملكة، فالنائم مثلًا لا يبصر لكنّ الملكة لم تعدم ويمكن أن تعود
.
وأمّا تعريف الملكة على التحقيق ، فان الملكة ما ينسب إلى موضوعٍ قابل له بمعنى ليس مطلق الموضوع بل يشترط أن يكون قابل للملكة ، فالجدار موضوع من الموضوعات ، فليس لديه ملكة البصر ، فهل يقال عن الجدار بأنّه أعمى ؟ لا ، بل الموضوع يجب أن يكون له شأنية الابصار والقابلية ، والقابلية تكون بحسب شخص الفرد أو طبيعة نوعه أو جنسه، فنوع الإنسان قابل للابصار وكذا الحيوان قابل للابصار ، بينما العقرب فالابصار غير ممكن له بلحاظ شخصه ونوعه فكل أفراد العقرب لا تبصر لكن بلحاظ الجنس هي تبصر ، فجنس العقوب حيوان والحيوانية مما لها شأنية الابصار ، فيكون العقرب فاقد لهذه الملكة.
-
ورابعها : التضايف وقد مرّ بيانه في الدروس السابقة في مقولة (المضاف)

الأربعاء، 19 يوليو 2017

التقابل

التقابل
.
.
المتقابلان شيئان يمتنع تعلقهما في موضوع واحد من نفس الجهة ، يعني من المستحيل أن يجتمعا في موضوعٍ واحد من نفس الجهة فهو محال، وقد يوجد أحدهما بازاء الآخر، بمعنى أن المتقابلين من حيث التعقّل والادراك العقلي، اذا عقلت أحدهما عقلت الآخر معه أو إذا وجد الأول لم يوجد الآخر معه، أو يكون أحدهما في غاية البعد من الآخر، بحيث لا يمكنك أن تتعقلّ شيئًا وراء أي منهما 
مثال : لو عندنا مراتب على ست أقسام [ مرتبة أولى - مرتبة ثانية - مرتبة ثالثة - مرتبة رابعة - مرتبة خامسة - مرتبة سادسة]
فلا يقال عن المرتبة الثانية التي هي بخلاف المرتبة الأولى بأنها متقابلين، بل يشترط أن يكون بينهما غاية البعد فتكون المرتبة السادسة والأولى هما المتقابلين . 
قولنا : يمتنع تعلّقهما في موضوع واحد، لأن غير المتقابلين قد يجتمعان في موضوع فالسواد والحركة قد يجتمعان في موضوع واحد وهما ليسا بمتقابلين كانسان أسود يتحرّك. 
قولنا : من نفس الجهة : لكي نتجنب الاضافيتين ، فاضافة الأبوة والبنوة لا يمتنع تعلّقها في موضوع واحد ، فزيد هو أبٌ وابن، ولكنّه يمتنع أن يجتمعا في موضوعٍ واحد ، اذا كان وجود الاضافة الأولى من نفس الحيثية التّي تحققت بها الاضافة الثانية : فزيد من حيث عمرو هو ابن ولا يمكن أن يكون زيد من حيث عمرو هو أب وابن !
-
اذا عرفت هذا كلّه ؛ المتقابلان اذا عُقل أحدهما مع تعقل الآخر، فهما (المتضايفين) مثل (الأبوة والبنوّة) فاذا تعقّلت الأبوّة ستتعقّل البنوة
وإن وجد أحدهما في قبال الآخر فهما ( العدم والملكة) ان اختصّا بموضوع واحد ، وان لم يختصا بموضوعٍ واحد فهما ( السّلب والايجاب)
وإن وجد احدهما في غاية البعد عن الآخر فهما (الضدّان) فالمتضادان هما غاية الأوّل مع غاية الأخير وأما المتوسطات فلا

اشكال دفع دخلٍ على المقولات العشر

اشكال دفع دخلٍ على المقولات العشر
.
.
شرح كلام المحقق الطوسي (قده) : هذه المقولات التّسعة - من غير الجوهر- كلها أعراض فحُمِل العرض على المقولات التسعة
إذًا لا بدّ أن تكون الأعراض بالنّسبة لهذه المقولات التّسعة أجناسًا كما يحمل الحيوان للإنسان والفرس، وهذا يكشف أنّ الحيوان له حقيقة أعلى من الانسان والفرس، وهذا خلف أن المقولات هي الأجناس العالية، بل العَرض هو الجنس العالي، كالحيوان فهو جنس أعلى بالنسبة للانسان.
-
وشرح جوابه : حمل الشيء على الشيء لا يعني أنه ذاتيٌّ له، فحمل الماشي على الحيوان لا يعني أنّ الماشي جنسٌ للحيوان وذاتيّ له، فليس كل محمول يكون جنسًا للموضوع، بل العرض يحمل على المقولات التسعة حملًا عرضياً، إذ معنى العَرض هو إذا وجد فيوجد في موضوع بمعنى العُروض للشيء ، فلابدّ هذا لهذا الشيء أن يكون حاصلًا ومتحققًا في الخارج ليعرض عليه العَرض

أقسام الكيف

أقسام الكيف
.
.
أقسام الكيف : 
من أقسام الكيف ما يعرض على الأمور الكمية، فقد تكون الكيفيات وصفًا لأمور كمية، مثل هيئة الاستقامة، فالخطوط قد تكون مستقيمة أو متعرجة أو منحنية، فالخط أمر كميّ واستقامته مثلًا يسمى (كيف مختص بكم)
-
ومن أقسام الكيف : (الكيفيات الانفعالايات والانفعالات) ويعبّر عنها (بالكيفيات المحسوسة)
الانفعاليات هي الأمور القارة التّي تتسّم بالثبات والانفعالات هي سريعة الزوال ومنشأ كلاهما هي الحواس ؛ كحمرة الدم مثلًا فالدم شيء والحمرة شيء آخر وهو وصف محسوس وهو وصف انفعاليّ لأنه اللون الأحمر ثابت في الدم ، بينما حمرة الخجل تكون سريعة الزوال لا تدوم وهي وصف انفعال  
-
من أقسام الكيف : ( الملكة والحال )
ومعروضهما هو النّفس وهي (الكيفيات النفسية)، فاذا كانت الأعراض معروضها النّفس ورسخت فيها تسمى (ملكة) مثل صحة المصحاح وإن كانت سريعة الزوال سميت بـ(الحال) مثل غضب الحليم
-
بيانه : الصحة شيء والمصحاح شيء آخر فالصحة هي العافية والمصحاح هي ( قوة الدفع) ومنشأ الصحة في الطب القديم هو اعتدال المزاج ، فاعتدال المزاج ملكة في النفس ، ويقابلها الممراض وهي ضعف في الدفع ، فالجسم اذا كانت عنده قوة لدفع المرض الذي يخل بالمزاج قيقال عنه جسم مصحاح، فتكون الصحة بالنسبة للمصحاح ( ملكة ) بعكس الصحة بالنّسبة للممراض فهي (حال) لأنه لا يوجد مقتضي لبقاء الصحة.
-
من أقسام الكيف : (القوة واللاقوة)
كالمصحاحية ( قوة الدفع) فهي تعتبر قوة 
والممراضية (ضعف الدفع) فهي تعتبر لاقوة

الكيف

الكيف
.
الكيف هو من الأجناس العالية وهو هيئة، وما يميّزه عن باقي الأجناس بأنه هيأة قارّة لا تقتضي قسمة ولا نسبة، بمعنى أن أنها في ذاتها لا يوجد مقتضي فيها بأن تنقسم فلا تقبل الانقسام ولا النّسبة، فبعض الصّفات لا يمكن ادراكها بنفسها بل لابدّ أن تُنسب إلى شيء لكي تُدرك وتُعقل مثل إذا سمعنا (الأمام) فالأمامية هنا هيئة (وصف) وهي لا تنقسم لكن لكي نفهم معنى الأمامية لابدّ أن يُدرك شيء آخر هو بلحاظه أمام له فلا يوجد أمام مطلق فبلحاظ نفسه ليس هناك أمام أمّا بلحاظ فيره فيوجد أمام ، أمّا الكيف فيُدرك بنفسه فلا يحتاج لهذه النّسبة ولا يحتاج لقسمة فهو إن وجد وجِدَ مستقلًا. 
ومثاله : (الثّقل) لكي يتحقق الثقل لابدّ لصاحب الثقل أن يكون موجودًا في الخارج ، فهذا الثقل بما هو هو لا يقبل القسمة، بل الذي ينقسم معروضه  ، ، وادراك الثقل لا يحتاج أن يُنسب إلى شيء ، اذ كل شيء له ثقل فنفس الثقل بما هو ثقل لا يحتاج نسبة لكي يُدرك. 
-
-
والكيف قد يتضاد ويشتد ويضعف، اذ ليس كل كيف يتضاد، بل هناك من الكيفيات ما يقبل التضاد في أفراده، كالسواد والبياض، والمهم في التضاد كون المتضادين من الأعراض اللّذان يعرضان على موضوعٍ واحد بأن يكون بينهما غاية الخِلاف والبعد ولا يكون تعقّل أحدهما موجبًا لتعقّل الآخر بخلاف الجوهر والكم، وأمّا الكيف الذي يقبل التضاد مثل (البياض) فالبياض فيه شدّة وضعف فالبياض الشديد غير البياض الضعيف لاختلاف آثارهما

الثلاثاء، 18 يوليو 2017

أن يفعل وأن ينفعل

أن يفعل وأن ينفعل
.
.
ومن تلك الأجناس العالية مقولة أن يفعل وأن ينفعل وهي ليست الفعل والانفعال كما مرّ في الدروس السابقة، فمقولة (أن يفعل) و (أن ينفعل) فأن المصدرية هنا عندما تدخل على الفعل المضارع أشعرت بالحصول لا بالحاصل بمعنى أنها أشعرت في أمرٍ في طور الحصول، بمعنى أنّ الأمر استمراري فمقولة أن يفعل مثلًا بمعنى أن الفعل مستمر، وكذلك أن ينفعل فهو انفعال مستمر، معنى استمرارية الفعل لا يعني أنه فعل بعد فعل (توالي الأفعال) ، بل المراد أن تكون هذه الاستمرارية على نحو أن يكون كلّ المتأخر منها درجة من درجات المتقدّم، وكذا الانفعال بمعنى أنّ المنفعل اللاحق درجة من درجات السابق لا أن السابق انعدم ووجد انفعال آخر جديد عنه وهما هيئتان وهما غير قارتين ؛ بمعنى أن وجود اللاحق تنفي شدّة السابق لا أن تنفي الفعل او الانفعال السابق، وتعرضان للمؤثر وللمتأثر فيقال للمؤثر مقولة ( أن يفعل ) وللمتأثر ( أن ينفعل ) بشرط أن تقال لهما حال التأثير والتأثّر ومثاله : كالاحراق والاحتراق
بيانه : عندما تقرّب النار من الورقة في حين ما تؤثر النار في الورقة حدثت مقولة ( أن يفعل ) من جهة النار ومن جهة الورقة حدثت مقولة ( أن ينفعل)، ولا تُقال هاتين المقولتين على ذات الفعل نفسه ولا على ذات المنفعل بل على الحالة على التي تحصل للفاعل والمفعول حال تأثير الفاعل على المنفعل

الاثنين، 17 يوليو 2017

الأين، المتى والمِلك

الأين
.
.
مقولة (الأين) وهي من تلك الأجناس العالية وهو كون الشيء في مكانه المختصّ به 
وبيانه : لحاظ الشيء بالنّسبة إلى المكان يحقّق لنا مقولة ( الأين) ، فعندما نسأل عن أينية الشيء فنحن نسأل عن مكانه الخاص به وليس إلى مطلق المكان فلا يكون هذا المكان إلّا للشيء المختص به ولا يشاركه أحد فيه ( كالماء في الكوز) ، فالكوز إذا امتلئ بالماء صار الكوز مكانًا للماء، وإذا أردت أن تضع شيئًا جديدًا داخل الكوز فعليك اعدام الأين الأول والأين الأول متوقّف على وجود طرفين مكان ومتمكّن فالمكان هو نفس الكوز والمتمكن هو الماء. 




المتى
.
المتى وهي من الأجناس العالية وهو كون الشيء في زمانه 
وبيانه : إذا لوحظ الشيء بالنّسبة إلى الزمان المختص به وليس مطلق الزمان بل الزمان الذي هو فيه تحققت مقولة (المتى) 
ومثاله : كقيام زيدٍ الآن


المِلك
.
.
المِلك وهي من تلك الأجناس العالية ويقال عنها أيضًا مقوله (له) أي يخصّه أو (الجِده) أيّ واجدٌ له، وحقيقتها هي التملّك للشيء، فليست هي المالك وليست هي المملوك بل هي نفس حالة التملّك ولكن ليس لأي تملّك فمقولة الملك تتحقّق بحيثية أنّ المالك والمتملَّك لا يتفارقان فينتقل بانتقاله، فالشيء المملوك مشمول بانتقاله للمالك
ومثاله : التختّم ، فعندما نضع خاتم باصبعنا ، ونحرّك الأصبع يتحرّك الخاتم مع الأصبع فالخاتم يكون مملوكًا للأصبع وليس لزيد 
ومثاله أيضًا : التلبّس (الملابس)

الأحد، 16 يوليو 2017

الوضع

الوضع
.
.
الوضع : هي من الأجناس العالية وأيضًا تُتسمّى " النّسبة" وهي هيأة تعرض على الجسم بلحاظ نسبة بعض أجزاء الجسم المركّب إلى البعض الآخر، فاذا لاحظت جزء بالنسبة إلى جزء آخر من المركب يعرض من نسبة أجزائه إلى بعضٍ آخر بلحاظها في جهة من الجهات كالقيام والانتكاس
.
بيان ذلك : ما الذي حقق وضعية الركوع ؟ 
فنلاحظ وضعية الرأس بالنّسبة إلى الركبة فإذا قرّبنا جزء الرأس إلى الركبة، فنعرف أن زيدًا راكع بملاحظة جزء الرأس مع جزء الركبة، وأمّا لو لاحظت الرأس فقط وقمت بتغطية الجسم، فلن تعرف أن زيدًا قائم أو راكع أو مستلقي الخ ..ولابدّ من ملاحظة الجهة أيضًا فعندنا جهة العلو والسُفل والأفقية ( اليمين واليسار)، فاذا لاحظت نسبة الرأس الى الركبة ووجدتها مستقيمة فلا يكفي بأن تقول زيدًا قائم، فلو استلقيت على ظهرك، فستجد نفس نسبة الرأس إلى الركبة حال القيام إلّا أن زيدًا ليس بقائم ومن هنا تأتي ضرورة ملاحظة الجهة، ففرق بين أن تكون بين جهة عامودية أو أفقية، إذا معرفة أوضاع الأجسام المركبة تحتاج إلى ملاحظتين 
  1. ملاحظة نسبة الجزء إلى جزءٍ آخر ( فاذا تغيرت النسبة سيتغير الوضع) 
  2. ملاحظة الجهة ( عامودية أو أفقية) .

المضاف

المضاف
.
.
المضاف : هو من تلك الأجناس العالية هو ما يعقل لكن ليس باستقلال بل بالقياس إلى غيره ولا وجود له سوى ذلك، بمعنى أن المضاف يُدرك بلحاظ الغير، والمضاف على قسمين : 
  1. مضاف حقيقي 
  2. مضاف مشهوري 
  • المضاف المشهوري يقصد ما جرت عليه ألسنة العامة فمثلًا الأب يقولون عنهما بأنها متضايفان لأن الأب يكون أب بلحاظ أنّ له ابن والإبن يكون ابنًا بلحاظ أن له أب وهذا الكلام بعيد عن التّحقيق لأن الأب بما هو أب والابن بما هو ابن ليسا من المضاف فالأب هو جوهر من الجواهر وكذا الابن فهما لهما وجودهما الخاص بصرف النظر عن النسبة

  • المضاف الحقيقي هو ما يعقل بالقياس إلى غيره ولا تحقّق له ولا وجود له وراء هذه النّسبة فعليه أنّ المضاف الحقيقي هي ذات (الأبوة) لأن الأبوّة لا يمكن تعقّلها إلّا بما هي مضافة اليه فالأبوّة معنى منتزع بلحاظ البنوّة، كما أن البنوّة منعقّلة بلحاظ الأبوّة .. فذات (الأبوّة) وذات (البنوّة) ليسا لهما وجود خاص في الخارج بعكس الأب والابن.
هل الإضافات موجودة في الخارج ؟ أم هي اعتبارات ذهنية فقط؟ 
-

ابن سينا قال بأنها الإضافة أمر متحقق في الخارج لأن فوقية السماء أمر حقيقي متحقق في الخارج تتصف بها السماء وتعطي أثرًا 
وأنكر ذلك جماعة آخرين وقالوا بأن الإضافة هي محض اعتبارات ذهنية يعتبرها ولا تحقق لها في الخارج ، ولو أنها كانت متحققة في الخارج وهي عَرض لافتقرت إلى المحل ويلزم من ذلك التسلسل وهو محال 
وبيان التسلسل : 
(الحلول ) هو من مقولة الإضافة فنحن إذا لاحظنا نسبة الحال إلى المحلّ انتزعنا "الحلول"  فذات الحلول هي أمر إضافي في الخارج وهي عَرض لافتقرت إلى المحلّ ويكون حلولها في ذلك المحلّ الآخر إضافة أخرى غير الإضافة الأولى ، فكلما انتزعنا مقولة "الحلول" احتجنا إلى اضافة اخرى لافتقارها إلى المحلّ وهكذا إلى ما لانهاية وهذا باطل 
-
والذي أميل اليه شخصيًا هو القول بأن الإضافات أمور اعتبارية ذهنية لا تحقق لها في الخارج كما حقّق ذلك العلّامة الحلي في كتابه الأسرار الخفية في العلوم العقلية ، واعلم أن الإضافة تعرض على المقولات العشر . 

السبت، 8 يوليو 2017

أقسام الكم

أقسام الكم
.
ينقسم الكم إلى كم منفصلٍ وإلى كم متّصل، كما أن الكم المتّصل ينقسم إلى 
  • كم متصل قارّ
  • كم متّصل غير قارّ
ما معنى مصطلح كم متصل ؟ :
-
الكم المتصلّ هو الكم الذي إذا انقسم إلى قسمين فيكون نهاية القسم الأول هو عين بداية القسم الثاني بحيث لا تجد بين القسمين فاصل حقيقي 
  • بيان ذلك : بعض الكميات مؤلفة من أجزاء مقدارية فمثلًا : الأجسام أجزاؤها السطوح والسطوح أجزاؤها الخطوط وأجزاء الخطوط هي النقط ، فهذه الأجزاء الكمية إمّا أن يكون له اجتماع في الوجود ، أو أن كل جزء لاحق يُفني جزء سابق بمعنى : أن كلّ جزء يأتي لابدّ أن يفني الجزء السابق 
إذا كانت مجتمعة في الوجود مثل (الخط) فالخط كما قلنا أجزاؤه هي النقط، فالنّقط مجتمعة لتشكل الخط ولو كانت النقطة اللاحقة تلغي النقطة السابقة لما تشكّل الخطّ أساسًا فاذا هي مجتمعة في الوجود، فإذا كانت مجتمعة سميت
( بالكم المتصل القارّ)  فمثلاً : 

__________________________

هذا الخط مكوّن من عدّة نقط من نقطة البداية إلى نقطة النهاية، فتكون هذه النقط متحدة مع بعضها ومتصلة لتشكيل الخط
فيكون كم متصلّ قار
 .
.
وأمّا إن لم تكن مجتمعة في الوجود فهي من (الكم المتصل غير  قار) فمثلًا الكم الزماني هو كم متصل
ولكن غير قار، لماذا؟ 
لأن وجود اليوم مثلًا متوقّف على انتهاء اليوم السابق ، فمثلًا لو رسمت خطًا زمنيًا وقسمته إلى نصفين فتكون النقطة التي تفصل بين القسمين هي نهاية القسم الأوّل وبداية القسم الثاني إلّا أن القسمين متصلين ولكنّهما ليسا متحدان في الوجود إذا وجود مثلًا العصر متوقّف على إفناء فترة الظهيرة وأيضًا كما هو موضّح أدناه في الرسمة : 



  • وأمّا (الكم المنفصلّ) فأجزاؤه تنفصل حقيقةً بحيث لا يمكن أن توجد أن هناك جزء مشترك بين القسمين فمثلًا : لو جئنا وقسّمنا العدد (٣) إلى قسمين مثل : (١) و (٢) فلا يوجد بين الواحد والإثنين جزء يربطهما لتكوين الثلاثة فيكونان منفصلان ، ولو فرضنا أنّ هناك جزءًا يربط بين (١) و (٢) لكان العدد ٤ وليس ٣ والحال نحن قسمنا ال ٣ ، لأن (١) + الجزء المشترك + (٢) = ٤ وهذا خلف فرض تقسيمنا للـ (٣).

الجمعة، 7 يوليو 2017

الغاية من دراسة الفلسفة

الغاية من دراسة الفلسفة
.
.
الغاية من الفلسفة :
الغاية من دراسة الفلسفة هو إثبات الواقعية وإدراكها وتمييزها عن غيرها، فما معنى إثبات الواقعية؟ 
إثبات الواقعية ؛ فهو دور الفلسفة يقول لابدّ أنّ يكون هناك واقعًا متحقق في الخارج ، ونحن نسعى لإثباته، بل يتعدّى الأمر أنّ الفلسفة تثبت قدرة العقل للتعرّف على ذلك الواقع، وتتميز هذه الواقعيات عن غيرها كالأوهام والخيال المقابلة للحقائق والوقائع 
ملاحظة : إذا اعتقدنا بتحقق موضوع واقعي+ قدرة العلم به = أصالة الواقعية
-
وبيان ذلك يحتاج إلى مقدِّمة ألا وهي أن المفاهيم على قسمين :
  1. مفهوم متحقق في الخارج
  2. مفهوم غير متحقق في الخارج
إذا كان المفهوم متحقق في الخارج ، فهو إمّا أن يكون بنحوٍ مستقل أو لا ، فإمّا إذا كان مستقلًا فيُعرف (بالمفهوم الحقيقي) وأمّا إذا كان غير مستقل في الخارج فهو (المفهوم الإنتزاعي)
وإذا كان المفهوم غير متحقق في الخارج، فإمّا أن يترتب عليه غرض عقلائي فهو (المفهوم الإعتباري) أو لا يترتب عليه غرض عقلائي وهو (المفهوم الوهمي)
-
المفهوم الحقيقي : هو ذلك المفهوم الذي له تحقّق في الخارج بنحوٍ مستقل مثل : (الإنسان، السماء) الخ
المفهوم الإنتزاعي: هي تلك المفاهيم المتحققة في الخارج لكنها ليست مستقلة ولا يُشار إليها (كالعلة والسببية) فهي منتزعة من خلال الذهن في الخارج.
المفهوم الإعتباري : هي مفاهيم يضعها الذهن ويعتبرها العقلاء مثل (قوانين الدولة) وهي قابلة للرفع والوضع، كأن يضع قانون الآن ويلغيه غدًا
المفهوم الوهمي :  هي التي يضعها الإنسان ولكن لا يترتب غرض عقلائي عليه مثل ( إنسان له عشر رؤوس) 
-
الغاية الثانية من دراسة الفلسفة : 
  • إثبات القوانين الكليّة القطعيّة ، كاستحالة اجتماع النقيضين ، ومبدأ الهوية ( أ هو نفسه أ وليس غيره) 
الغاية الثالثة من دراسة الفلسفة :
  • تكشف الفلسفة عن العلل العليا للوجود وأشرفها ( واجب الوجود) سبحانه وشاءت القدرة الإلهية أن يجعل الكون يمشي على العلل والمسببات.
الغاية الرابعة من دراسة الفلسفة :
  • تأسيس رؤية كونية الهية تساهم في حركة الإنسان وسعيه نحو تكامله، ما معنى رؤية كونية؟ 
قسّم العلماء الرؤى إلى قسمين :
  1. رؤية كونية : أي رؤية إعتقادية
  2. رؤية ايديولوجية : وهي جانب العمل
وهناك علاقة توليد بين الرؤية الكونية والإيديولوجية ، فالجانب الإيديولوجي متولّد عن الجانب الإعتقادي مثل
 (آداء الصلاة فرع الإعتقاد بوجوبها)

الخميس، 6 يوليو 2017

الكم

الكَم
.
.
سبق وأشرنا أن المقولات هي عشرة أولها الجوهر وتسعة مقولات كلها أعراض وهي من الأجناس العاليّة، ومن هذه الأعراض التسعة (الكم) وكما قلنا هو أحد الأجناس العاليّة وحقيقة الكم هو ما لذاته يقبل المساواة واللامساواة بالتّطبيق، إذًا الكم مأخوذ فيه خصوصية أن يساوي أو لا يساوي ، ونعني بالمساواة هي التي نفهمها بالتّطبيق وأعني بالتّطبيق ؛ لو طابقنا هذا بين هذا الكم وبين كمٍ آخر، لوجدنا أنّ هذين الكمين إمّا متطابقين أو لا.
-
كيف نطابق بين الكمين ؟ 
مثال : نأخذ جزء من (أ) وجزء من (ب) فإن وجدناهما متطابقين كانا متساويين، وإذا كانوا غير متطابقين فهما غير متساويين، وهذه المطابقة بين الأجزاء هي مقتضى ذات الشيء، فالشيء في ذاته لا يقبل المساواة أو اللامساواة وليس باعتبار شيء آخر وإنّما ما يعرض عليه يقبل المساواة أو لا فينسب إليه
مثال ذلك : عندنا هذا الخط (الأحمر) وعندنا خط (أخضر) فنقول هذان الأحمر والأخضر متساويان فننسب المساواة إلى الألوان مع إنّ في الحقيقة المساواة واقعة بين الخطوط، فالأحمر والأخضر وإن كان يُقال عنهما متساويين أو لا لكن هذا ليس لذاتهما وإنّما لمعروضيهما أي (الخط) ، فإذًا المساواة أو عدمها تلحقان بالأشياء باعتبار المقادير أو الأعداد كالمال فهو جوهر في نفسه فعندما نقول هذا المال يساوي هذا المال باعتبار مقداره، وعندما نقول هذه المجوعة تساوي هذه المجموعة فباعتبار عدد أفرادها

محاضرات تمهيدية في الفلسفة

المبادئ التصوّرية في الفلسفة
.
.
المبادئ التصورية في الفلسفة : 
.
قبل الشروع في أي علم فلابدّ من تعريف هذا العلم وبيان مقدّماته: 
المقام الأوّل : بيان أركان مقدِّمة العلم :  
-
ما هو تعريف علم الفلسفة : من الناحية اللّغوية هي كلمة يونانيّة تنقسم إلى شطرين (فيلو) وتعني المحبة و (سوفيا) تعني الحكمة
والفلسفة من حيث الإستعمال مرّت بمراحل ثلاثة :
  • كانت الفلسفة تطلق على جميع العلوم (المرحلة الأولى) فكانت الرياضيات والكيمياء الخ من الفلسفة
  • في المرحلة الثانية أصبحت تطلق على خصوص العلوم العقليّة
  • في المرحلة الثالثة ضُيّقت بحيث أصبحت تُطلق على قسمٍ خاص من العلوم العقليّة فأصبحت تبحث على أحوال الموجود بما هو موجود
ولهذا أصبح تعريف الفلسفة من الناحية الإصطلاحية : هو العلم الباحث عن أحوال الموجود بما هو موجود، فما معنى أحوال الموجود بما هو موجود؟  وها هنا بيانين
-
البيان الأوّل :لو أن شخصًا واجه حيوان مفترسًا فخاف (حالة أولى) ومشى بسرعة (حالة ثانية) وأخذ يرميه بحجارة
 (حالة ثالثة)
فعلم النّفس مثلًا يدرس حالة الخوف وعلم الأحياء يدرس حالة المشي ورمي الحجارة يدرسها علم الفيزياء مثلًا من حيث سرعة الحجارة
بينما الفلسفة تدرس  وتبحث عن الأشياء بما هي أشياء والأحوال العامة لا خصوص الحوادث فقط ، فمثلًا الفلسفة تبحث عن المادة بما هي مادّة مع قطع النظر كونها صلبة أو غازية أو سائلة، وعن الحركة بما هي حركة مع قطع النظر كون هذه الحركة بقصد أم بغير قصد وهكذا 
-
البيان الثاني : وبيانه يتوقّف على مقدّمة وهو ( ما يُحمل على الوجود) على قسمين :
  • ما يحمل على الوجود من دون واسطة خارجة عن الوجود
  • ما يحمل على الوجود مع واسطة خارجة عن الوجود 
مثال ذلك : إذا قلنا ( هذا الموجود طويل)  فنحن حملنا الطول على الموجود ولكن يتوقّف حمل الطول على الموجود بواسطة ..وهذه الواسطة هي "الكم والمقدار" فمن لا مقدار له ولا كم ليس له طول ، فالكم والمقدار واسطة لحمل الطول على الموجود (حمل على الوجود مع واسطة)
مثال  (حمل على الوجود بدون واسطة) : إذا قلنا الموجود إمّا علّة أو معلول فنحن حملنا العليّة أو المعلولية من غير واسطة بمعنى أن هذا الموجود إمّا علة أو معلول لا كم ولا مقدار.
والفلسفة تبحث في القسم الثاني من أحوال الموجود ( بدون الواسطة) وهو ما نعني به من أحوال الموجود بما هو موجود

الأربعاء، 5 يوليو 2017

العرض والصورة وأقسام الجوهر

العرض والصورة
.
.
تعريف الجوهر كما أشرنا في الدّرس السابق يشمل الجواهر المجرّدة والجواهر المقارنة، ونعني بالجواهر المجرّدة هي المجرّدة عن المادّة، والجواهر المقارِنة هي المقارنة للمادّة، فهي على كلّ الحالات وجدت لا في موضوع، إذا عرفنا ذلك، فالحال في الجوهر هو العَرض لأن الجوهر محلّ والعَرض يحتاج إلى المحلّ وهو الموضوع كما تقدم، فالجوهر في نفسه غير متقوِّم بالعَرض فالكلام عرضٌ يحتاج إلى المتكلّم وهو المحل، كما أن الحال في المادّة هو الصورة وكلا الصورة والمادّة هما من أقسام الجوهر
.
.
أقسام الجوهر
.
.
الجواهر على أقسام إمّا مقارنة للمادة أو مجرّدة: 
أمّا المقارنة للمادة فهي :
.
وقد تقدّم بيان كلّ واحدة منها في الدروس السابقة.
  • قد تكون صورة
  • قد تكون مادّة
  • وقد تكون مركّبة من الصورة والمادة وهو الجسم

وأمّا المجرّدة عن المادّة فهي :
  • العقل 
  • النفس

(العقل) هو المجرّد تمام التجرّد كما يُقال، مفارق للمادة، فهو ليس بمادّة، فهو من حيث ذاته غنيٌ عن المادة ومن حيث فعله أيضًا غني بمعنى أنه لا يحتاج إلى المادة لتوسيط فعله، بعكس (النفس) فهي من حيث ذاتها مفارقة للمادّة، إلّا أنها تستفيد من المادّة في فعلها، وكل هذه الأقسام الخمسة جواهر لإشتراكها في كونها موجودة لا في موضوع

الثلاثاء، 4 يوليو 2017

تعريف الجوهر

تعريف الجوهر 
.
.
الجوهر كما عرّفناه سابقًا هو الموجود لا في موضوع، ونقصد بالموضوع هنا هو المحلّ، إلّا أنه يوجد متقوّمًا دون أن يُحلّ فيه، ولتوضيح ذلك فأقول : يوجد لدينا المحلّ والحالّ، وهذا المحلّ تارةً يقوِّمه الحال، وتارةً لا يقوِّمه الحال، بمعنى أن المحلّ تارةً يكون موجودًا ومستغنٍ عن الحال، وتارةً هذا الحال يُقوِّم المحل بمعنى أنّه يحققه، فإذا كان هذا المحلّ مستغنٍ عن الحال سُميَّ (بالموضوع)  والمحل الذي يقوِّمه الحال يسمى ( المادة) ، فالموجود لا في موضوع معناه موجود في محل لا يقوّمه الحالّ والحالّ على قسمين : 
  • مقوِّم لموضوعه
  • غير مقوِّم لموضوعه
والحال الذي لا يقوِّم الموضوع يُسمى ( العرض)  والحال الذي يقوّم الموضوع فيجعله محقّقًا فيسمى (صورة) 
ومثاله لو أردت أن تجعل الخشب كرسيًا فالخشب مادة بالنّسبة للكرسيّ والصّورة الكرسية هي الحال فالحال هو الذي يجعل الخشب كرسيًا ، إذًا فالمادّة محتاجة للحالّ والموضوع مستغنٍ عن الحالّ، وأمّا العرض هو حالٌ محتاج إلى المحل فلولا صاحب اللّون لا يوجد لون ولا صاحب الكلام لا يوجد كلام وهكذا، بينما الصورة مستغنية عن المحلّ

الاثنين، 3 يوليو 2017

المقولات العشر

الجوهر
.
.
الجوهر : "الموجود لا في موضوع " وهو من الأجناس العاليّة، لمّا تحدثنا عن الأجناس في الدروس السّابقة بأن هناك جنس سافل ومتوسّط وعالي ، فنريد الآن أن نشخّص ونعطي مصداقًا من مصاديق الجنس العالي وممن يصدق عليه بأنّه جنسٌ عالي هو "الجوهر"، على أن الجوهر هو من (المعقولات الأولية) ولا علاقة لعلم المنطق به فالمنطق كما أشرنا في أول الدروس أن علم متعلّق بالمعقولات الثانية المنطقيّة، إلّا أن دأب المناطقة إدراج المقولات العشر في كتبهم المنطقية من باب الإستعانة بالمقولات العشر لتفهيم الطالب موضوعات المنطق، فالمعقولات الثانية المنطقية عارضة على المعقولات الأولية، فكان لا بأس منهم أن يقف المناطقة وقوفًا ولو إجمالًا عليها لتحصيل الحدود (الأجناس والفصول) وإلّا فالمقولات العشر موضوعها "الطبيعيات"
-
إذا عرفنا هذا فنقول أنّ الجوهر من الأجناس العالية وقد أختلف في حقيقة الجوهر أنّه من الأجناس العالية أو ليس بجنسٍ أصلًا، فأكثر الأوائل من المناطقة والحكماء على أنه جنسٌ عالٍ، ودليلهم أنهم وجدوا خواص الجنس العالي تنطبق على الجوهر ألا وهي :
  • اشتراك أفراده فيه
  • أنه ذاتي فيمتنع تحقق الشيء بدونه
  • الأفراد فيه متساوية، فليس هناك فرد أولى بالجوهرية من الآخر
وأمّا المتأخّرون فقد منعوا جنسيّته لوجوه أحدها
  • أننا قد نتعقّل كثير من الأشياء مع جهلنا بأنها جوهر أو ليست بجوهر، فلو كان الجوهر جنسٌ لهذه الأشياء لكان ذاتيًا فيها ولاستحال تعقّلها قبل تعقّل جوهريتها لأن تعقّل كل شيء فرعُ تعقّل الذاتيات المقوِّمة له مثل (العقول) فإنهم شكّوا في جوهريته مع ذلك تعقّلوا (العقول) 
والجواب : المتأخرين حقيقةً لم يتعقّلوا مفهوم (العقل) بل ما قالوه هو (تصوّر إجمالي) وإدراك لوجود العقل وليس تصوّرًا تفصيليًا وتعقّل لمفهوم العقل .

الكليات العرضيّة

الكليات العرضيّة
.
.
العرضيّ قد يعرض على النّوع الواحد فقط أو يعرض عليه وعلى غيره ولا ثالث، فالعَرضيّ إمّا أن يعرض فقط على حقيقة واحدة أو يعرض عليها وعلى غيرها ، فإن كان لا يعرض إلّا على هذه الحقيقة فقط سُميَّ (بالعَرضي الخاص) 
وهو على قسمين :
- إمّا عرضيّ خاص مساوي بمعنى أنه يعرض على كل مصداق لهذه الحقيقة ويصحّ أن يكون مصداقًا لذلك العرضي 
ومثاله : (الضاحك) و (الإنسان) فالضاحك عرض لحقيقة الإنسان قطعًا، فهو عرض مساوي لكلّ مصاديق الإنسان فلذا يقال
(كلّ إنسان هو ضاحك) فالعلاقة بين الإنسان والضاحكية هي التساوي.
-
- وإمّا عرضي خاص (أخصّ) بمعنى أنه يعرض على بعض المصاديق لا كل المصاديق للحقيقة الواحدة 
ومثاله ؛ إذا أخذت (الإنسان) و(الشاعر) فالشاعرية عَرض على الإنسان ومختصة به فقط ولكنه ليس عَرضًا مساويًا لمصاديقه إذ ليس كل إنسان شاعر بل (بعض الإنسان بشاعر) . 
-
وأمّا العَرضي الذي يعرض على حقيقة وعلى غيرها ؛ بمعنى أنّ هذا العرضي يعرض على أكثر من حقيقة واحدة بعكس العرضي الخاص الذي يعرض على حقيقة واحدة فقط فيسمّى (بالعرضيّ العام)
-ومثاله (الماشي) ، فالمشي عَرض للإنسان وعرض للثور وعرض للفرس فيصدق على أكثر من حقيقة فيكون عَرضيًا عامًا. 

الأحد، 2 يوليو 2017

الفصل والكليات الذاتية

الفصل
.
الفصل هو الذي يُقال في جواب "أيمّا هو في جوهره؟"  أعني -خصوصية كلّ نوع وهو المقوِّم لذلك النوع والمُقسِّم لجنسه وما تحته
-
عندنا من الذاتيات "ما يقال في جواب ما هو" وعندنا "أيمّا يقال في جوهره؟" فهذه الأي هي سؤال عن خصوصيّة التي يختص بها هذا النوع وهو "الفصل" كما تقدّم، الذي بدوره يُقوِّم النوع بمعنى أنّ النوع لا يُعقل في الذهن ولا يتحصّل بدونها فالفصل هو محقّق ومقوِّم لذلك النوع وما تحته أيضًا، (فالحساس المتحرّك بالإرادة) كما أنّه مقوِّم لجنس الحيوان كذلك هو مُقوِّم للنوع وهو الإنسان وللفصل دورٌ آخر وهو تقسيم جنس هذا النوع فالفصل مثلًا يقسّم الحيوان (مثل الناطق) ؛ فهو يقسّم الجنس إلى (حيوان ناطق) و (حيوان غير ناطق) بل يُقسِّم كلّ جنس فوقه جنس نوعه فالناطق أيضًا يُقسّم (الجسم النامي) إلى ناطق وغير ناطق، فالفصل هو الذي يميز نوعه عن سائر الأنواع ، واعلم أنّ المميزات على قسمين مميز ذاتي ومميّز عَرضي ؛ فالذاتيّ هو الفصل والعَرضي هو الخاصة ويأتي بيان الكليات العَرضية في دروسٍ لاحقة إن شاء الله.
-
-
الكليات الذاتية

ومن خلال الدروس السابقة (النوع والجنس) ومعرفة (الفصل)، فالكليّات الذّاتية لا تخلو إمّا أن تكون نوع أو جنس أو فصل ، فكلّ ما يصحّ أن يُقال عنه أنه كليّ ذاتي لا يخرج عن إحدى هذه الثلاث ووجه الحصر أن الكليّ الذاتيّ إمّا أن يكون نفس ما تحته أي أنه تمام ماهية ما تحته وهو (النوع) أو يكون جزء منها والجزء إمّا أن يكون تمام المشترك بين هذا النوع وبين غيره وهو ( الجنس ) كالحيوان للإنسان والثور وإمّا أن يكون هذا الجزء مختص بهذا النوع فقط فهو الفصل

النوع الإضافي والنوع الحقيقي

النوع الإضافي
.
كلّ كلي متوسّط بين كليين هو جنسٌ ونوع، فهو جنسٌ بلحاظ ما تحته ونوعٌ بلحاظ ما فوقه، فالكليات التّي بين جنس الأجناس ونوع الأنواع هي جنسٌ ونوع، فهو جنس  باعتبار أنّها صادق على كثيرين مختلفين بالحقائق، ونوع باعتبار أنّه مندرج تحت كليّ فوقه وهذا النوع هو (النوع الإضافي) فإذا ثبت ذلك فنقول الأجناس على ثلاث : جنس عالي ومتوسط وسافل والنوع الإضافي على ثلاث أقسام نوع عالي ومتوسط وسافل، فالجنس العالي يكون بلحاظ ما تحته والجنس السافل يكون بلحاظ ما فوقه والمتوسّط بلحاظ ما فوقه وتحته والنوع الإضافي مثله
كالحيوان فهو جنسٌ للإنسان ونوعٌ لما فوقه وهو الجسم النامي هو جنسٌ للحيوان ونوع لما فوقه وهو (الجسم) مطلقًا
ويكون الجسم مطلقًا (جنس عالي بالنسبة للإنسان) والحيوان (جنس سافل بالنسبة للجوهر) وهكذا
.
النوع الحقيقي
.
وما يقال في جواب ما هو  على ما يتكثر بالعدد فقط ، فالذي يُقال في هذا الجواب هو (النوع الحقيقي) لتلك المتكثّرات، فالإنسان مثلًا يُقال على زيدٍ وعمرٍ وبكرٍ وهم متكثرون بالعدد فقط لا أنّهم متكثرين بالحقيقة ، والفرق بين النوع الحقيقي والإضافي فالنوع الإضافي كان بلحاظ الأجناس التّي فوقه وأمّا النوع الحقيقي فهو بلحاظ الجزئيات والأفراد التّي تندرج تحته فالإنسان مثلًا نوع حقيقي، ويندرج تحته أفراد (زيد، بكر، عمر). فكلا النوعان مختلفان بالمعنى إلّا إنّه بينهما مشتركًا لفظيًا.