الأربعاء، 25 أبريل 2018

ضرورة الإمامة عند الشيعة وهل هي بالنص من النبي أم باختيار الناس ج٣

 وأما في الكافي فقد ورد فيه أن الأرض لا تخلو من حجة فقد روى الكليني عن الحسين بن أبي العلاء : قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام تكون الأرض ليس فيها إمام قال : لا ؛ قال أفيكون إمامان ؟ قال : لا إلا وأحدهما صامت 
وفي حديث آخر عن ابي عبدالله عليه السلام ؛ أن الأرض لا تخلو إلا وفيها إمام إن زاد المؤمنون شيئًا ردّهم وإن نقصوا شيئًا أتمه لهم
-
وكذلك عن ابي عبدالله عليه السلام ؛ لو لم يبق في الأرض إلا اثنان لكان أحدهما الحجة ..
-
روى الكليني عن الإمام الرضا عليه السلام ؛ إن الامامة  أجل قدرا وأعظم شأنا وأعلا مكانا وأمنع جانبا وأبعد غورا من أن يبلغها الناس  بعقولهم ، أو ينالوها بآرائهم ، أو يقيموا إماما باختيارهم .
إن الامامة خص الله  عزوجل بها إبراهيم الخليل عليه السلام بعد النبوة والخلة مرتبة ثالثة  وفضيلة شرفه  بها وأشاد بها ذكره ، فقال : " إني جاعلك للناس إماما " فقال الخليل عليه السلام  سرورا بها : " ومن ذريتى " قال الله تبارك وتعالى : " لا ينال عهدي الظالمين " .  فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلى يوم القيامة وصارت في الصفوة ثم أكرمه  الله تعالى بأن جعلها في ذريته أهل الصفوة والطهارة..

فهذه الروايات واضحة الدلالة على أن الأرض لا تخلو من حجة وإمام من لدن خلقة آدم إلى يوم القيامة، وإن الإمامة لا يمكن أن يتم انتخابها من قبل الناس بل هي منصب الهي يجعله الله حيث شاء، هذا مضافًا إلى الحديث النبوي المستفيض أنه من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة الجاهلية، وهذا الحديث يدلّ على أن معرفة الإمام إن حصلت ثبت الدين، وإلا فدينه جاهلي، فمعرفة الإمام من مقوِّمات الدين الإسلامي فتكون داخلة في أصول الدين وأساسه، وكما هو معلوم أن الغاء أي أصل من أصول الدين يشكك في صحة اسلام الانسان، وإن كان الإمامية جعلوها أصلا من أصول الدين إلا أنها متممة للإيمان لا الإسلام لمقتضى الأدلة التعبدية عندهم هو كفاية الشهادتين في اجراء الأحكام الاسلامية في المجتمع الاسلامي .
-

تعليق (رأي) ؛  أن الاسلام هو دين الله الخاتم والكامل، فهذا الدين يدّعي الشمولية في جميع مناحي الحياة الدنيوية والأخروية على مر العصور، فعمد النبي صلى الله عليه وآله تفسير هذا الدين مدة حياته كالإجابة على الشبهات وتصحيح الاعتقادات ، فبرزت هناك مخاوف من أن يضيع هذا الدين برحيل النبي عليه السلام وأن يترك لكل من هب ودب، فكان لابدّ لشخص يقوم مقام النبي مؤهل لحراسة الدين والمحافظة فكان لا بدّ من عصمته ليدفع عن هذا الدين الآفات ويذب عنه باستمرار وطريقة تنصيبه تكون من الله إذ لا كاشف عن عصمته إلا هو ولا تكون بيد الناس.

ضرورة الإمامة عند الشيعة وهل هي بالنص من النبي أم باختيار الناس؟ ج٢

وقد ساق الإمامية أيضًا دليلًا عقليًا يشبه الدليل الآنف ذكره لكنه بتقريب فلسفي ومفاده أن إذا كانت النبوّة لطفًا ورحمة فكذا الإمامة فإذا تبين من أنها لطف والمفروض أن لا يقترن بمانع يمنع الله عنه، فهو بمقتضى علم الله تعالى بالنظام الأحسن والأصلح واطلاق كماله وحكمته تعالى، فواجب أن يصدر عنه هذا اللطف وإلا للزم أن يكون جاهلًا بالنظام الأصلح وقد تبيّن أن الله تعالى عالم وحكيم باطلاق وعليه ما يؤول في تقريب لزوم الإمامة من أنها واجب بسبب حكمته تعالى وعلمه بالنظام الأصلح .
-
ويتضح من خلال ذلك أن الناس ليس بيدهم اختيار الامام والخليفة بعد النبي، لأن من شروط الإمامة أن يندفع بها الضرر وأن يهدي الإمام الناس إلى جادة الخير ويمنعهم عما فيه فسادهم هذا إن كانت الإمامة بيد الله تعالى، وأما إذا كانت بيد الناس فالأمر على عكس ذلك، فالناس كل يقدّم مصالحه على الآخرين مما ستسود معه الفوضى و يؤدي ذلك إلى الفتنة لاحتمال أن يبايع كل جماعة إمامًا خاصًا لهم فيقع التحارب والتناحر بينهم فينتفي الغرض من الإمامة وهو رفع الخلاف بين الناس، فلما كانت الإمامة منصب الهي عند الشيعة فلا يحقّ لأحد اختيار الإمام وتنصيبه سوا الله، ولو كانت بيد الناس لامكن ان تتحكم فيهم العواطف والمحسوبيات بدلًا من تحكيم الملاكات الحقيقية وحيث أن الناس أو أعضاء الشورى غير متصفين بالعصمة فقد يختارون إمامًا جاهلًا بأحكام الدين  وهذا فقد يؤدي إلى ضلالة الناس وضياع الدين وظهور البدعة وهذا نقض للغرض الإلهي من انزال الدين
-
وأما الأدلة النقلية التي يستدل بها الإمامية التي تدل على لزوم وجود الإمام مثل قوله تعالى " واذا قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة " وحيث أن الآية لم تكن مقيدة بمخلوق معيّن ، فيتضح منها أن الإنسان خليفة الجاعل وهو الله، كما أن عدم ذكر ما استخلف عليه يدل على خلافته الشمولية لكافة الشؤون والأمور وقوله " إني جاعل في الأرض خليفة" يفيد الدوام والاستمرارية من بدء الخلقة إلى يوم القيامة، وهذا يدل على أن الله هو الجاعل للخليفة لا الناس يختارون وينصبون الخليفة، وإلا للزم أن لا يوفي الله بعهده فيجعل الخلافة في زمان دون زمان وقد قالوا بأن الآية تفيد الاستمرارية والدوام فلا يصح اختيار الناس للخليفة، وإنما هي جعل الهي.
-
واستدل الإمامية بقوله تعالى لابراهيم عليه السلام "إني جاعلك للناس إمامًا قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين" فقال الإمامية : أن إمامة ابراهيم كانت بعد نبوته فأن الله جعله إمامًا بعد كثرة ابتلاءته، ثم سألها ابراهيم عليه السلام لذريته ، فأجاب الله عليه أن هذا المقام لا يناله الظالم (لا ينال عهدي الظالمين ) ويتضح من الآية إن الإمامة عهد من الله للإنسان الكامل، فلا يصحّ عندها اختيار الناس للإمام لأن الظالم لا يكون إمامًا وغير الظالم هو فقط المعصوم والمعصوم لا طريق لتعيينه إلا من قبل الله، هذا مضافًا أن سؤال ابراهيم الله هذا المقام لذريته شاهد على عظمة هذا المقام فالإمامة بقيت في نسل ابراهيم الا أن الله حرم الظالمين هذا المقام، ويؤيده قوله تعالى
 " وجعلها كلمة باقيه عقبه
-

وكذلك استدلّ الإمامية بالسنة المتواترة عند الفريقين وكما ورد في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وآله : لا يزال هذا الدين عزيزًا حتى يمر عليكم اثني عشر خليفة كلهم من قريش وفي مسند أحمد : دخل رجل على عبدالله بن مسعود فسأله هل سألتم رسول الله كم يملك هذه الأمة خليفة ؟ قال نعم وقال : إثني عشر خليفة عدتهم كعدة نقباء بني إسرائيل ، وكما لا يخفى أن نقباء بني اسرائيل كانوا خلفاء بالنصّ والجعل الإلهي قال تعالى ( ولقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم إثني عشر نقيبًا