الثلاثاء، 29 أغسطس 2017

كثرة القضية بتكثر الأحكام

كثرة القضية بتكثر الأحكام
القضية قد تتألّف من أجزاء كثيرة، فتقول هذه الأجزاء هل كثّرت حكم القضية أم أنّ الحكم واحد؟ نقول : إذا كان كثرة الأجزاء في القضية جعلتك تضطر إلى القول أنّ للقضية أحكام وليس هنا حكم واحد حينئذٍ نقول أنّ القضية تكثرت بفعل تكثر الأحكام، فالأجزاء في القضية قد تكثر القضية وقد لا تكثر القضية فإذا قلت : [ جاء زيد وعمرو ] ، فهذه قضية ولها أجزاء، فهل أجزاء القضية أثّرت  في كثرة القضية أو لم تؤثر؟ نقول : أنها أثرت فأصبحت عندنا قضيتين : [ جاء زيد]
و [ وجاء عمرو]
فإذا قيل : الخمسة هي ثلاثة وإثنان ، فهذه قضية واحدة، لأنها لو كانت لها قضايا متعدّدة، لكانت لها موضوعات ومحمولات فهي لا تنحلّ إلى قضيتين فلا يمكن أن يقال [ الخمسة ثلاثة ] , [ الخمسة إثنان ] ! ، فلا يمكن أن تتشكل قضية إيجايبية بين الخمسة والثلاثة والخمسة والإثنان.

السبت، 26 أغسطس 2017

القضية السالبة أعمّ من المعدولية

القضية السالبة أعمّ من المعدولية
-
ذكرنا في الدّرس السابق أنّ الفرق بين السالبة والمعدولة هو دخول أداة السلب على الرابطة في القضية السالبة ودخول أداة السلب على المحمول في القضية المعدولية، وهذا الفرق هو فرق لفظيّ فقط، وهناك فرق معنوي بينهما، فمعنى القضية المعدولة ليس كمعنى القضية السالبة، فالسّالبة أعمّ من حيث المصاديق من المعدولة، لأن المعدولة مثلًا ( الإنسان هو لاجماد) فهي تعني تثبيت شيء لشيء بمعنى تثبيت أن اللاجماد هو حكم للإنسان، فتكون القضية المعدولة هي إثبات شيء لشيء، وثبوت شيء لشيء فرع وجود المثبت له، فثبوت اللاجماد للإنسان فرع وجود الإنسان نفسه، فتكون المعدولة مختصّة فيما كان موضوعها موجودًا (ثابت) . 
-
وأمّا في القضية السالبة عندما نقول ( الإنسان ليس هو جماد) فأنت تنفي وجود علاقة بين الإنسان والجماد فلا تريد أنت إثبات شيء للإنسان فهنا تصحّ السالبة من جهتين إمّا أنّ الإنسان لا وجود له فتكون سالبة بانتفاء الموضوع
-على فرض عدم وجوده- ومن الجهة الثانية، قد يكون الإنسان موجودًا وسر انتفاء اللاجماد عن الإنسان إنّ اللاجماد ليس من أحكامه وليس من شؤونه، فالقضية السالبة تصدق عند انتفاء الموضوع، وتصدق عند وجود الموضوع، بينما في المعدولة لا تصدق إلّا بعد وجود الموضوع ، فتكون السالبة أعمّ من المعدولة.
-
وهنا مثال : لو قلنا : ( أب عيسى بن مريم ليس بمعصوم ) ، فهي قضية صادقة وكاذبة، فتكون صادقة باعتبار أنها قضية سالبة وتكون كاذبة باعتبار أنها قضية معدولة، فإن كانت سالبة فتصدق لأنها سالبة بانتفاء الموضوع
( لا تحقق لأب عيسى في الوجود)، وأمّا إذا كانت معدولة فثبوت شيء لشيء فرع وجود المثبت له وحيث أنه لا وجود للموضوع فتكون كاذبة.

القضية المعدولة والمحصّلة

القضية المعدولة والمحصّلة
-
أداة السّلب هي (الأدوات اللغوية مثل : لا ، ليس ، غير ..الخ) فإذا تركبت أداة السّلب مع لفظٍ محصّل (وجودي) بحيث صارت هي مع اللّفظ لفظًا جديدًا ومعنًا جديدًا فتصيّر هذه الأداة اللفظ معدولًا، فتعدل به الأداة من لفظ محصّل إلى غير محصّل كقولنا ( لا إنسان ) فالإنسان قبل دخول أداة السلب (لا) عليه هو أمر محصّل بمعنى أنه له وجود، ولكن بعد دخول أداة السلب عليه صار معناه عدم الإنسان فعدلت به إلى معنى آخر.
والسلب قد يتركّب مع جزء القضية أيضًا، فكما نعلم من الدروس السابقة إنّ القضية تتركّب من ثلاث أجزاء وهم الموضوع والمحمول والرابطة بينهما (النسبة)، فنسأل حينئذٍ أداة السلب تتركّب مع أي جزء؟ 
إذا تركبت أداة السلب مع محمول القضية صارت القضية ( معدولة ) فتكون مقاربة للقضية السالبة، لأنّ القضية السالبة لا ينظر إلى موضوعها كونه محصّل ( وجودي) أو لا، فالسلب في القضية السالبة أتى بعد الموضوع وكذا في معدولة المحمول أتى السلب بعد (الموضوع) إلّا أنّ الفرق بين السالبة والمعدولة أن أداة السلب في القضية السالبة دخلت على الرابطة فتكون رافعة للإيجاب فتصبح قضية سالبة، وأمّا المعدولة فتدخل أداة السلب على المحمول ولا يرفع ذلك إيجاب النسبة فتكون القضية المعدولة قضية موجبة ( معدولة المحمول)، فأداة السلب تتقدّم على الرابطة في القضية السالبة ويتأخر عن الرابطة في القضية المعدولة 
ومثال السالبة : ( الإنسان ليس هو حجر) ، فالإنسان ( موضوع ) ، هو ( الرابطة ) ، حجر ( المحمول) ، فأداة السلب (ليس) تقدّمت على الرابطة فتكون قضية سالبة 
ومثال المعدولة : ( الإنسان هو ليس بحجر) ، فأداة السلب ليس تأخرت عن الرابطة ودخلت على المحمول فتصبح قضية معدولة المحمول
وأمّا في حال لم يتلفظ بالرابط كقولك ( زيد كاتب) فأداة الربط ( هو ) لم يتلفّظ بها فتصبح قضية ثنائية، فاصطلح أهل المنطق في هذه حال دخول أداة السلب ( غير ) للمعدولة ..فتصبح قضية ( زيد غير كاتب ) معدولة ، ودخول ليس للقضية السالبة فتصبح ( زيد ليس كاتب ) قضية السالبة.
كما أنه يصحّ دخول أداة السلب على الموضوع فتكون [معدولة الموضوع] مثل قولك ( اللا إنسان جماد) ، ويصحّ أيضًا أن تكون في الموضوع والمحمول كقولك : (اللا إنسان لا ناطق) فتكون معدولة الطرفين 
وأمّا القضية الخالية من أي معدول تسمّى قضية محصّلة مثل قولك ( الإنسان ناطق) . 
وأمّا إطلاق لفظ ( القضية المعدولة) فيقصد بها معدولة المحمول فقط، لكثرة استعمالها لدى أهل الفن ، وأسبقيتها إلى الذهن. 

الجمعة، 25 أغسطس 2017

تركيب القضية المنفصلة

تركيب القضية المنفصلة 
قال المحقق الطوسي رحمه الله : وأجزاء المنفصلة قد تزيد على اثنين 
-
الشرح :  أجزاء القضايا المنفصلة لا يشترط بها أن تتألف من جزئين فقط، بل يمكن أن تتألّف من أكثر من جزئين، وهذا ظاهر في مانعة الجمع، فذكرنا أن مانعة الجمع هي الي تتألف من الشيء والأخصّ من نقيضه، لأن الشيء لا يجامع نقيضه قطعًا، وبالتالي لن يجامع الأخصّ من نقيضه، لأن وجود الأخص هو وجودٌ للأعمّ وهو النقيض، ولكن يمكن أن يرتفع الشيء مع الأخصّ من نقيضه فيبقى النقيض فقط، وهذا النقيض قد يتعدد الأخص منه فمثلًا : 
اللاحيوان نقيضه الحيوان والأخص من الحيوان متعدد كالإنسان والفرس والثور الخ 
فالمقابلة بين اللاحيوان وبين الإنسان هي مقابلة بين شيءٍ وأخص من نقيضه، فبين الإنسان واللاحيوان مانعة جمع لأنهما لا يجامعان بعضهما، فلا مانع أن تقول إذًا ( الشيء إمّا لا حيوان أو إنسان أو فرس) إذا لا تجتمع اللا حيوانية والفرسية والإنسانية مع بعضها البعض ، وهذا بيّن . 
-
وأمّا في مانعة الخلو فهي ما كانت مؤلفة بين الشيء والأعم من نقيضه، فارتفاع الأعمّ ارتفاع للنقيض، فلا يمكن ارتفاعهما معًا ولكن يمكن أن يجتمعان فمثلًا ( اللا إنسان نقيضه الإنسان والأعمّ من الإنسان هو الحيوان ) فلا يخلو
الشيء (إمّا هو لا إنسان أو حيوان )  فاللا انسان صادق على الفرس والثور والحجر والشجر الخ ، فلا يخلو الشيء عن أحدهما إمّا لا إنسان أو حيوان، فليست هي بمانعة جمع، لأن اللاانسان قد يجامع الحيوان كالثور مثلًا، وحينئذٍ يمكن أن تتألف مانعة الخلو من أكثر من ثلاث أجزاء كقولك ( الشيء إمّا أن لا يكون شجر أو لا يكون حجر أو لا يكون حيوان) فمحال ارتفاع هذه الأطراف لأن الشيء لا يخلو منها
وأمّا في المنفصلة الحقيقية، الضابطة فيها أمران هما استحالة الإجتماع واستحالة الإرتفاع، فنحن نسأل ماذا نقصد بالحقيقية الذي تتألف من أكثر من جزئين؟
فعندما تقولون ( إمّا أ أو ب أو ج) إن قصدكم بالحقيقية هو استحالة الإجتماع و استحالة الإرتفاع ، فنسأل ماذا تقصدون بالمحال اجتماعه؟ إن كان المراد استحالة اجتماع أي جزء من هذه الأطراف مع طرف آخر فسيلزم ارتفاع الطرفين الأخريين 
فإن تحقق أ لزم ارتفاع ب و ج فبطلت مانعة الخلو، وإن تحقق اجتماع (أ مع ب ) أو (أ مع ج ) أو ، (ب مع ج) بطلت مانعة الجمع، فإن فسّرنا الحقيقية بهذا التّفسير محال أن تتشكل قضية منفصلة حقيقية من أكثر من طرفين . 
-
وهناك تفسير آخر للحقيقية، فلو قلنا مثلًا أن مانعة الجمع هي التي يستحيل فيها اجتماع أي طرف مع طرفٍ آخر، والممنوع في مانعة الخلو هو خلو (كلّ الأطراف)، فإن فسّرناها بهذا التّفسير أمكن أن تتشكل منفصلة حقيقية، فاذا قلت 
(إمّا أ أو ب أو ج) فوجود أ ، يعني عدم وجود ب وعدم وجود ج فقط وارتفاع ب و ج لم يمنع مانعة الخلو ، لأن الخلوّ لم يحصل لكل الأطراف لأن (أ) لم يرتفع معهم . 
فيمكن تركيب الحقيقية من ثلاث أجزاء فأكثر كقولك ( العدد إما مساوي أو زائد أو ناقص) فلا يمكن أن تجتمع هذه الأطراف مع بعضها البعض، فوجود المساوي يعني عدم الزائد والناقص ولا يمنع عدمهما عدم تحقق مانعة الخلو

الأربعاء، 23 أغسطس 2017

ما تستلزمه القضية المنفصلة

قال المحقق الطوسي رحمه الله : والمنفصلة متصلة تتألف من عين أحد الجزئين ونقيض الآخر
-
الشرح : ‏القضية المنفصلة إن كانت صادقة تستلزم قضية متصلة صادقة تتألف من عين أحد الجزئين ونقيض الآخر، ‏القضية المنفصلة كالحقيقية، مقتضى كونها حقيقية لأنها مانعة جمع وخلو ومثالها ( إمّا (أ) أو (ب) ) فاذًا أ لا يجامع ب
‏وعدم أ لا يكون مع عدم ب، ‏فـ أ لا يجامع ب فتكون مانعة جمع و عدم أ لا يكون مع عدم ب فتكون مانعة خلو
‏وبناءً عليه يلزم من هذه القضية المنفصلة قضية متصلتين وهما ‏مؤلفة من عين إحدى جزئيّ المنفصلة ونقيض الآخر
‏فتصير ( كلّما كان أ فليس ب ) أو (كلّما كان ب فليس أ) ، فالقضيتين مؤلفة من عين إحدى الجزئين ونقيض الآخر،
‏ومقتضى كونها أيضًا مانعة خلو، أنّ عدم أ لا يكون مع عدم ب، لأن عدم أحدهما وجود للآخر بالضرورة فتصير
( كلما لم يكن أ كان ب ) أو (كلما لم يكن ب فـ أ) ، ‏ففي مانعة الجمع، وجود أحدهما لزم منه نقيض الآخر
‏ومانعة الخلو ، نقيض أحدهما لزم منه وجود الآخر، فينتج عن المنفصلة الحقيقية أربع متصلات
-
وأمّا إذا كانت القضية المفروغ صدقها قضية منفصلة مانعة جمع كقولك (الشيء إما حجر أو شجر) فيلزم منها متصلتين فقط ومؤلفة من مقدِّمٍ عين إحدى طرفيها وتالٍ نقيض الآخر فتصير :
كلّما كان الشيء حجرًا فهو بحجر أو كلّما كان الشيء حجرًا فهو ليس بشجر
-
وأمّا إذا كانت القضية المفروغ صدقها مانعة خلو فيلزم منها أيضًا متصلتين وهي مؤلفة من مقدِّم نقيض أحد الطرفين وتالٍ عين الآخر
كقولك : ( زيد إمّا في الماء وإمّا أن لا يغرق ) فيلزم منها متصلتين وهما (كلما لم يكن زيد في الماء فهو لا يغرق) أو
( كلّما كان غريقًا فزيد في الماء) 

القضية المنفصلة تستلزم منفصلتين

قال المحقق الطوسي رحمه الله : ومنفصلتان مانعة الجمع مع عين المقدّم ونقيض التالي، ومانعة خلو بالضد منهما
-
الشرح : الفضية المتصلة يلزم منها قضيتان منفصلتان، إحدى المنفصلتين مانعة جمعٍ مؤلفة من عين المقدّم ونقيض التالي، والمنفصلة الأخرى عبارة عن مانعة خلوٍ مؤلفة من نقيض المقدَّم وعين التالي، فدعوانا الآن أنه ( كلما صدق أ ب فـ ج د) لابدّ أن تصدق معها منفصلتين إحدى المنفصلتين عبارة عن عين المقدّم ونقيض التالي وهي مانعة الجمع فتكون
( إمّا أ ب أو ليس ج د ) والدليل على ذلك كما قلنا في الدرس السابق لا يخلو إمّا أن ( ج د) أعمّ من (أب) أو مساوية لها، لأن الفرض ( كلما وجد أ ب فوجد ج د ) فـ (أ ب ) إمّا أخص من ج د فوجود الأخص يستلزم وجود الأعم وإما أ ب مساوية لـ ج د  فكلما وجد المساوي وجد المساوي له، فالسؤال الآن ما حال ( أ ب ) مع عدم ( ج د ) ؟ الجواب : لا يمكن اجتماع أ ب مع عدم ج د ، لأن وجود ( أ ب ) فرض لوجود ( ج د ) فمحال أن يجتمع أ ب مع عدم ج د ، لأنه فرض لاجتماع النقيضين وكذبت المتصلة
-
والدعوى الأخرى إذا صدقت ( كلما كان أ ب فـ ج د ) تصدق منفصلة أخرى عبارة عن نقيض وعين التالي وهي مانعة الخلو فتصبح ( إمّا عدم أ ب أو ج د ) ولا يمكن أن يرتفعان ، فإذا ارتفع عدم أ ب فتصبح أ ب ، وإذا ارتفع ج د تصبح عدم ج د ، وهذا يعني ارتفاع الأعم مع ثبوت الأخصّ وهذا خُلف، إذا هي مانعة خلو.

ما يستلزمه كلّ متصلة لزومية


قال المحقق الطوسي رحمه الله : ويلزم المتّصلة اللزومية متصلة أخرى من نقيض تاليها ومقدِّمها
-
الشرح : المتصلّة اللزومية الكلية يلزم منها متّصلة أيضًا من نقيض تاليها ومقدِّمها معكوسة الطرفين، والمحقق -ره- لم يشر إلى هذا الإنعكاس، وتفصيلًا هكذا يقال : ( كلّما كان أ ب فـ ج د ) فهذه متصلة كلية صادقة ولها لازم في صدقها وهو
(كلّما لم يكن ج د فـ لم يكن أ ب ) فنُقض المقدّْم والتالي وانعكسا 
والدليل على ذلك : 
‏المتّصلة اللزوميّة الكلية إذا فرضنا صدقها كقولك
‏ ( كلما كان أ ب فـ ج د ) لازمها صدق قضية أخرى وهي ( كلّما لم يكن ج د لم يكن أ ب)، ‏لأن إن لم تكن صادقة صدق نقيضها، ونقيض الموجبة الكلية سالبة جزئية وهي ( قد لا يكون إذا لم يكن ج د فلم يكن أ ب ) فإذا صدقت هذه القضية صدق ‏لازمها مختلف معها في الكيف مساوٍ لها في الكم ومنقوض التالي، فيصدق (  قد يكون إذا لم يكن ج د فـ أ ب ) ويصدق عكسها أيضًا وهو ‏( قد يكون إذا كان أ ب لم يكن ج د ) وهذه منافية لصدق القضية الأولى ( كلّما كان أ ب فـ ج د ) ، فتصدق إذاً
‏(كلّما لم يكن ج د فلم يكن أ ب ) ، وإنّما قيدنا بالكلية لإخراج الجزئية ولأن الجزئية لا عكس لها.

الثلاثاء، 15 أغسطس 2017

تلازم الشرطيات

تلازم الشرطيات
قال المحقق الطوسي رحمه الله : وتلازم كل متصلتين مقدّمهما واحد وتاليها طرفا النقيض وهما مختلفين بالسلب والإيجاب 
-
الشرح : من أحكام القضايا المتّصلة وجود قضايا لوازم لها، يعني إذا صدقت صدق لازمها.
ما هي لوازم القضايا المتّصلة؟ 
القضيةالمتّصلة قد تكون سالبة وقد تكون موجبة، فلازم القضية الموجبة (سالبة) ، ولازم القضية السالبة ( موجبة ) ولكن بقيود:
١- أن يكون موافقًا لها في الكم ، يعني لو كانت القضية كلية موجبة فلازمها سالبة كلية.
٢- أن يختلفا في الكيف 
٣- أن يتناقضا في خصوص التالي 
مثال : (كلّما كان   أب    كان ج د) >>>> { وجود تلازم }
وفي السّالبة نقول ليس البتّة إن كان أ ب فليس ج د 
-
فإذا افترضنا صدق القضية الأولى لابدّ من صدق القضية الثانية (السالبة الكلية) وإلّا لصدق نقيضها وهي الموجبة الجزئية وهي (قد يكون أب فليس ج د)  وهذا خلف صدق القضية الأولى كلما كان أ ب كان ج د لوجود الملازمة الضرورية وفي الموجبة الجزئية لا يوجد بينهما ملازمة ضرورية ، فيلزم من ذلك اجتماع النقيضين وهو محال 
-
وقس على ذلك السالبة الكلية وعكسها.

من أقسام المنفصلة ؛ مانعة الخلو

من أقسام المنفصلة ؛ مانعة الخلو
قال المحقق الطوسي رحمه الله : أو يمنع الخلو فقط كقولنا : زيد إمّا في الماء أو غير غريق ويحدث من تعميمه.
-
الشرح : النكتة في مانعة الخلوّ، هو استحالة الارتفاع وامكان الاجتماع، وتتألّف قضية مانعة الخلوّ من الشيء والأعمّ من نقيضه، فلا تتشكل مانعة الخلو من الشيء ونقيضه أو المساوي لنقيضه لأنهما لا يجتمعان ولا يرتفعان والفرض أن مانعة الخلو يستحيل ارتفاع طرفيها وامكان اجتماعهما، ولا يمكن أن تتألّف من الشيء والأخصّ من نقيضه لأنه يستحيل أن يجتمعان وممكن ارتفاعهما فتصبح مانعة جمع وهذا خلاف الفرض، فتعين الرابع وهو أن تكون بين الشيء والأعم من نقيضه لأن الشيء يمكن أن يجامع الأعم من نقيضه ويستحيل ارتفاعهما.
مثال : زيد إمّا في الماء أو غير غريق
فالكون في الماء نقيضه "عدم الكون في الماء" وعدم الغرق أعم من الكون في الماء
فيمكن اجتماع طرفيها بأن يكون زيدًا في الماء وغير غريق ويستحيل ارتفاعهما لأنه لو رفعنا "زيد في الماء" تصبح
 "زيد ليس في الماء" وإذا رفعنا "غير غريق" تصبح "غريق" فيستحيل ارتفاعهما بأن يكون زيدًا غريقًا وليس في الماء.

الاثنين، 14 أغسطس 2017

من أقسام المنفصلة ؛ مانعة الجمع

من أقسام المنفصلة ؛ مانعة الجمع

قال المحقق الطوسي رحمه الله : ومنها ما يمنع الجمع فقط كقولك ( هذا الشيء إما حجر أو شجر) ويحدث من تخصيص أحد الطرفين .
-
الشرح : مانعة الجمع هي القضية المنفصلة التي يستحيل اجتماع طرفيّها لكن يمكن أن يرتفعا، وتتألّف مانعة الجمع بين الشيء والأخص من نقيضه.
مانعة الجمع لا يمكن أن تتألّف بين الشيء والأعم من نقيضه لأنه يمكن أن يجتمعا مثل الإنسان والأعم من نقيضه وهو الحيوان فيمكن أن يجتمعا والحال أننا نفرض أنها مانعة جمع (استحالة اجتماع الطرفين) وهذا خُلف الفرض.
ولا يمكن أن تتشكل بين الشيء ونقيضه والمساوي للنقيض لأنها تكون حينئذٍ منفصلة حقيقية - كما مرّ في الدرس السابق- فالحقيقية مانعة جمع وخلو وليست مانعة جمع وحدها
وأمّا الشيء مع الأخصّ من نقيضه فلا يمكن اجتماعهما ولكن يمكن ارتفاعهما، فمثلًا :  الإنسان ونقيضه اللاانسان
والأخص من اللا انسان هو الحجر فلا يمكن اجتماعها اذا لا يمكن للشيء أن يكون حجرًا وانسانًا في نفس الوقت، لكن يمكن أن يرتفعا فالشيء قد لا يكون حجرًا  ولا يكون انسانًا ، كالشجر مثلًا.. 

السبت، 12 أغسطس 2017

المنفصلة الحقيقية ؛ مانعة الخلو ومانعة الجمع

المنفصلة الحقيقية ؛ مانعة الخلو ومانعة الجمع
قال المحقق الطوسي (رحمه الله): ومن المنفصلة -حقيقية- تمنع الجمع والخلو وتتألّف من قوّة طرفي النقيض.
-
الشرح : القضية المنفصلة تنقسم إلى أقسام ومن أقسامها (المنفصلة الحقيقية) والمنفصلة الحقيقية لها خصائص، ومن أهم خصائصها أنها تمنع الجمع والخلو ، فلا يجتمع طرفاها في الصّدق ولا يخلوان عن الواقع
تمنع الجمع : أي لا يجتمع طرفيها في الواقع 
تمنع الخلو : أي يمتنع خلو طرفيها عن الواقع 
كقولك : ( العدد إمّا زوج أو فرد) فلا يجتمعان في الواقع -في نفس العدد- ولا يخلو أحدهما منه .
وتتألّف الشرطيّة المنفصلة الحقيقية من قوّة طرفي النقيض، بمعنى إذا أتيت إلى الشيء ونقيضه ، فكل نقيض يعتبر في طرف مغاير عن الآخر . مثال : عدم الناطق في قوّة نقيض الناطق وهو الإنسان.
-
تنبيهات  : ١- وجود الشيء يلازم وجود الأعم معه، فإذا وجد الانسان  قطعًا وجد الحيوان
٢- الشيء يلازم وجود المساوي له ، فاذا وجد الانسان وجد الناطق
٣- الشيء لا يلازم وجود الأخص منه ، فاذا وجد الحيوان ليس بالضرورة أن يوجد الإنسان.
إذا عرفت هذا كلّه فنأتي لمحل البحث وهو ما تتركب منه القضية المنفصلة الحقيقية 
١- هل يمكن أن تتركب القضية الحقيقة من الشيء والأعم من نقيضه؟
٢-هل يمكن أن تتركب القضية الحقيقة من الشيء والأخص من نقيضه ؟
٣- هل يمكن أن تتركب القضية الحقيقة من الشيء وللمساوي للنقيضين؟
-
الجواب على الأول  :  لا يمكن أن تتركب قضية حقيقية من الشيء والأعم من نقيضه، لأن الشيء قد يجتمع مع الأعم من نقيضه ( فنقيض الإنسان هو اللاانسان) والأعم من اللاانسان هو الحيوان، فالإنسان والحيوان قد يجتمعان ، ونحن اشترطنا أن القضية الحقيقية أنها لا مانعة جمع وخلو. 
-
الجواب على الثاني : لا يمكن أن تتركب قضية حقيقية من شيء وأخصّ من نقيضه، فمثلًا لدينا ( لا انسان ونقيضه هو انسان والأخص من الانسان هو الكاتب فلا يمكن أن يجتمعا لأن اللاانسان ليس بكاتب ، لكن هل يمكن أن يرتفعا ؟ نعم يرتفعان ، فلا يكون هو  ليس بلا انسان ولا كاتب  ( ليس بلا إنسان = انسان) فنعم يمكن أن يرتفعا فتعني أنه انسان ليس بكاتب . 
-
الجواب على الثالث :  المساوي للنقيض هو بنفسه نقيض ، فاللاانسان نقيض الإنسان ، والإنسان هو الناطق ، فلا يجتمع اللاانسان مع الناطق ولا يرتفعان
-
الخلاصة : الشيء لا يجتمع ولا يرتفع إلّا مع نقيضه

الخميس، 10 أغسطس 2017

تركيب المتّصلة الاتفاقية

تركيب المتّصلة الاتفاقية
قال المحقق الطوسي ( رحمه الله ) : لا إتفاقية إلّا عن صادقين. 
الشرح : في القضية الشرطية لابدّ أن المقدّم صادق والتالي صادق وهذه اللابدية من نفس تعريف الاتفاقية وهو ( ما كان المقدّم والتالي متصاحبين في الوجود لا بحكم العقل وإنّما بالاتفاق، وطالما حقيقة الاتفاقية أن يكون المقدّم والتالي متصاحبين في الوجود، فقطعًا فقطعًا كلاهما لابدّ أن يكونا صادقين 
كقولك : (كلما كان الإنسان ناطقًا كان الحمار ناهقًا)، فلا ملازمة بينهما بحكم العقل، وإنّما تصاحبا في الوجود بالاتفاق.
-
وهناك تعريف آخر للاتفاقية ذكره العلّامة الحليّ (رحمه الله) وهو ( هي القضية ما يكفي فيها صدق التالي مطلقًا ولا يسترط صدق المقدّم أو كذبه) كقولك : ( كلما كانت العنقاء موجودة فالإنسان ناطق) فوجود العنقاء كاذب لكن التالي وهو والإنسان ناطق صادق. 

تركيب المتّصلة اللزومية

تركيب المتّصلة اللزومية
قال المحقق الطوسي ( رحمه الله ) : والكاذب يستلزم الكاذب أو الصّادق، والصادق لا يستلزم الكاذب وقس الممكن والمحال عليهما 
-
الشرح : بعد أن بيّنا فيما مضى من الدروس بأنه لا علاقة في صدق القضية بصدق أو بكذب ما تتألف منه، نريد الآن أن نشير إلى ظاهرة في القضية الشرطية، القضية الشرطية قد تكون أجزاؤها صادقة أو تكون أجزاؤها كاذبة وهذا يستلزم شيء، نحن ذكرنا أنّ صدق المقدّم أو كذبه، لا يؤثر في صدق أصل القضية أو كذبها، ولكن هناك ملاحظات نلاحظها في القضية الشرطية، وهو أن الشّرطيّة قد تتألّف من مقدّمٍ صادق ويستلزم منه تالي صادق، وقد تتألّف من مقدّم كاذب ويستلزم منه تالي صادق أو كاذب، وقد تتألّف من ممكن وينتج عنه ممكن وقد تتألّف من محال وينتج عنه ممكن أو محال، فكل هذه الظواهر ملحوظة في القضية الشرطية
عندما قال المحقق  (الكاذب يستلزم الكاذب أو الصّادق) معناه أن هناك علاقة بين اللازم والملزوم (ملازمة) فاللازم للشيء قد يكون بحسب الفرض مساويًا له وقد يكون أخصّ منه وقد يكون أعمّ منه وقد يكون مباين له، فالتالي وهو (اللازم) بالنّسبة إلى الملزوم وهو (المقدَّم) إمّا مساوي وإمّا أخص وإمّا أعم وإمّا مباين له.
فهل يمكن أن تكون هناك ملازمة بين شيئين بحيث يكون اللازم (التالي) بالنّسبة إلى الملزوم ( المقدَّم) بأن يكون أعمّ منه؟ نعم يمكن ( فإذا وجود الإنسان يلزم من وجوده وجود الحيوان) فالحيوان أعمّ من الإنسان فتكون ممكنة . 
وهل يمكن من أن تكون هناك ملازمة بين شيئين بحيث أن اللازم أخصّ من الملزوم ؟ لا يمكن ولا ملازمة عقلية ، (إذ لا يلزم من وجود الحيوان وجود الإنسان)
وهل يمكن وجود ملازمة بين مقدّم وتالي متساويين؟ نعم ممكن فاذا صدق المساوي لزم صدق المساوي له، (فإذا ثبت أن هناك إنسان لزم قطعًا أن هناك ناطق موجود)
وهل يمكن وجود ملازمة بين مقدّم وتالي متباينين؟ كلا، (فلا يلزم من وجود الإنسان وجود الحصان)، اذا فهمنا ذلك عرفنا بأن صدق المقدّم يلزم منه صدق التالي الأعم منه وصدق المساوي له، وليست هناك ملازمة بين صدق المقدّم وصدق التالي الأخص والمباين له، وهذا كلّه في جانب الصّدق . 
أمّا في جانب الكذب ، فإذا كذب المقدّم هل بالضرورة يكذب معه التالي الأعم؟ لا ، فيمكن أن يجتمع كذب المقدّم وصدق التالي الأعم منه ، ( فإذا كذب وجود الإنسان لا يعني كذب وجود الحيوان)
وأمّا الأخصّ منه ، ( فإذا كذب وجود الحيوان يلزم منه كذب وجود الإنسان) 
وأمّا إذا كانا متساووين (فكذب وجود الإنسان يلزم منه كذب وجود النّاطق)
وأمّا المباين ( فكذب وجود الإنسان لا يلزم منه كذب وجود الزرافة) 
فالخلاصة : إنّ صدق المقدّم يستلزم صدق التالي، وكذب المقدّم يستلزم منه إمّا صدق التالي أو كذبه، وأمّا الممكن والمحال ، فالممكن هو الصادق والمحال هو الكاذب، فالمحال يلزم منه الممكن، والممكن لا يلزم منه المحال 
فقول الله تعالى ( لو كان فيهما آلهة إلّا الله لفسدتا) فوجود الآلهة ( محال ) ولكن يلزم منه أمر ممكن وهو ( فساد السماوات والأرض) ،
ولكن الممكن لا يلزم منه المحال فمعنى إمكان الملزوم إمكان اللازم معه كقولك : (كلما كان الإنسان حيوانًا كان جسمًا) .

الاثنين، 7 أغسطس 2017

أقسام العلم ؛ التصور والتصديق والضروري والاكتسابي

أقسام العلم
للعلم أقسام ولأقسامه أقسام، أولًا ينقسم العلم إلى تصوّر وإلى تصديق : 
فإن كان هذا التصوّر الذي في ذهنك لا يصحبه حكم فهذا تصوّر كتصوّر (زيد) وإن كان يصحبه حكم فهو تصديق
والتصوّر على أقسام ، إمّا أن لا يكون فيه نسبة كقول (الانسان) أو فيه ونسبة تقييدية كقولك (حيوان ناطق) فقيدت الحيوانية بالناطقية، أو نسبة انشائية مثل قولك (اضرب) أو نسبة خبرية خالية من الحكم  كأن تتصور (زيد) و (القيام) والنسبة بينهما دون أن تحكم على زيد بالقيام.
وأمّا التصديق فقد اختلفوا فيه فهل هو نفس الحكم كما مذهب الحكماء أو هو المجموع المركب بين المحمول والموضوع والنسبة مع الحكم كما هو رأي الفخر الرازي ( ت ٦٠٦ هـ) 
-
والعلم أيضًا ينقسم إلى ضروري واكتسابي
بمعنى أن كلّ من التصور والتصديق ينقسم إلى ضروري واكتسابي 
ومعنى الضروري : وهو ما لا يحتاج في حصوله إلى كسب ونظر ، بل هو بالاضطرار والبداهة ، كتصوّر الوجود والعدم ، أو كتصديقنا بأن الكلّ أعظم من الجزء. 
ومعنى الاكتسابي : هو ما يحتاج في حصوله إلى فكر ونظر ، كتصور الملائكة، أو كتصديق بأن الأرض ساكنة أو متحركة.
وانقسام كل من التصور و التصديق أمر يدركه الإنسان بالوجدان والبرهان، لأن لولا وجود علوم بديهية سواء تصديقية أو تصورية ، لزم التسلسل وهو محال ، لأن لو أردنا أن نحصّل شيء من التصور والتصديق النظري لزم أن نحتاج إلى تصور وتصديق نظري وهكذا إلى ما لا نهاية فيلزم التسلسل وهو محال.

الأحد، 6 أغسطس 2017

الصحيح من تعريف العلم

الصحيح من تعريف العلم
قد عرفت من الدروس السابقة أن العلم بديهي التصوّر، فيكون مستغنٍ عن التّعريف ، لكن إذا أردنا صياغته في قالب مضبوط فنقول العلم هو " حضور المعلوم لدى العالم" حضورًا مباشرًا أو غير مباشر، وهذا التّعريف يشمل جميع أقسام العلم الحضوري والحصولي، فإن المعلوم بالعلم الحضوري حاضر بنفسه لدى النفس، والمعلوم بالعلم الحصولي حاضر لدى النّفس بتوسّط صورته العلمية.

في تعريف المعرفة ؛ في تكملة ما ذكره الحكماء

ذكرنا سابقًا أن الحكماء عرفوا العلم بأنه حصول صورة الشيء لدى الذهن وذكرنا أنّ هذا التعريف لا يشمل العلم الحضوري ولا يشمل المعقولات الثانية المنطقية
ومن جهة ثالثة هذا التّعريف أيضًا لا يشمل المعقولات الثانوية الفلسفية ولبيان هذا المطلب لابدّ من ايضاح بعض الأمور
عروض الشيء لشيء على أقسامٍ ثالثة :

  1. عروض شيء لشيء في الخارج مثل عروض السواد على الفحم فكلاهما في الخارج ، وهما من المعقولات الأولية
  2. عروض شيء لشيء في الذهن مثل ( الإنسان كليّ) فالكلية في الذهن عارضة على مفهوم الإنسان في الذهن ، وهي من المعقولات الثانية المنطقية
  3. يكون عروضه في الذهن والمتصف به في الخارج مثل ( العلة والمعلول) فهي مفاهيم في الذهن والموجود الخارجي يتصف بهما مثل ( النار علة للاحراق) ، وهي المعقولات الفلسفية
والتّعريف الذي ذكره الحكماء لا يشمل المعقولات الفلسفية، لأن المعقولات الفلسفية ليست انعكاس مافي الخارج لدى الذهن فلا يوجد شيء في الخارج اسمه علّة ومعلول.


الجهة الرابعة : هذا التعريف لا يشمل الممتنعات
-
نحن نمتلك في الذهن مفاهيم ونعلم بها لكنّها ممتنعة ومستحيلة التحقق في الخارج مثل ( الدور والتسلسل) فهذه المفاهيم يدركها الذهن وليسا لهما وجود واقعي خارجي أصلًا ، وهنا يأتي السؤال هل علمنا بالمفاهيم الممتنعة هو نتيجة انعكاس ما في الخارج لدى الذهن ؟ الجواب : كلا . فلا يشمل هذا التعريف الممتنعات.

الجمعة، 4 أغسطس 2017

في تعريف المعرفة ؛ ما ذكره الحكماء

في تعريف المعرفة
-
ما ذكره الحكماء في تعريف المعرفة 
-
عرّف قدماء الحكماء العلم بأنه "حصول صورة الشيء لدى العقل"، وهذا التّعريف مشهور لدى الحكماء إلّا أنّه ناقص من جهات 
  1. هذا التعريف لا يشمل إلّا قسمًا واحدًا من أقسام العلم وهو العلم الحصولي ولا يشمل العلم الحضوري
بيان ذلك : العلم الحصولي : هو حصول صورة الشيء لدى الذّهن بإحدى الحواس الظاهريّة، فحظّ الانسان أنّه يدرك الواقع من خلال الصور الذهنية، لا الواقع نفسه، فالانسان عندما يشاهد النّار مثلًا، لا ينطبع في ذهنه إلّا صورة النار، لا أنّ النّار نفسها أصبحت في ذهنه، فالعلم الحصولي يتقوّم بأمور ثلاث
١- المدرِك (الانسان) 
٢- المدرَك ( الموجود الخارجي كالنار مثلًا)
٣- الصورة الذّهنية للمدرَك ( صورة النار في الذهن) 
-
وأمّا العلم الحضوريّ فهو عبارة عن كون المعلوم حاضرًا لدى العالِم من غير توسّط صورة ذهنية، وعلى هذا يكون العلم الحضوري متقوّم بركنين فقط 
١- المدرَك (الانسان)
٢- المدرِك للنفس بلا واسطة ، فلا وجود لصورة ذهنية، بل نفس المعلوم حاضر عند العالم
والعلم الحضوري على قسمين 
١- أنّ المدرِك مغاير للمدرَك مثل علمك بصورة الجبل بأنها حاضرة في ذهنك من حيث هي هي 
٢- أنّ المدرِك هو نفس المدرَك مثل (علم الإنسان بنفسه) 
فيكون تعريف الحكماء للعلم لا يشمل العلم الحضوري بكلا قسمية لأن العلم الحضوري لا يحتاج إلى توسّط صورة ذهنية، بينما التعريف اقتصر على حصول الصورة الذهنية

        2. أن التعريف لا يشمل المعقولات الثانية المنطقية ؛ المعقولات تنقسم إلى أقسام ثلاث 
  1. معقول أوليّ وهو ( انعكاس ما في الخارج لدى الذهن) = الصورة الذهنية مثل انعكاس اللون في الخارج لدى الذهن 
  2. معقولات منطقية ثانية ( كمفهوم الكليّ ؛ الجزئي ؛ النوع ؛ الجنس ؛ الفصل) وهذه منشأ الحصول عليها التّحليل الذهني فقط 
  3. معقولات فلسفية ثالثة ؛ ليس له وجود خارجي وإنّما موصوفه في الخارج مثل العلة والمعلول، فلا وجود لشيء اسمه علة في الخارج ، لكن الموصوف بالعليّة له وجود خارجي مثل النار فهي علّة للاحراق.
فتكون المعقولات الثانوية المنطقية لا تشمل هذا التعريف، فهي عبارة عن جهود فكرية وتحاليل ذهنية من دون أن يكون للواقع الخارجيّ صلّة مباشرة، فليس في الخارج ما نسمية نوع وجنس ، بل هي من مخترعات الذهن، فليس الأمر أنّ هناك شيء اسمه "كلي" في الخارج فانعكست صورته في الذهن ، كلا ، بل هو على سبيل المثال : إذا شاهد شخص (زيد ، بكر، عمرو)
ثم شاهد اشتراكهم في الحيوانيّة والتعقّل والتفكّر، فتتهيأ نفسه لانتزاع مفهوم كليّ في ذهنه فيكون هذا المفهوم هو (الانسان).

في تعريف المعرفة

في تعريف المعرفة
-
كما قلنا في الدرس السابق، هناك عدّة آراء لتعريف العلم، فمنهم من رآه بديهيًا ومستغنٍ عن التّعريف، ومنهم من رآه نظريًا إلّا إنّه يصعب تعريفه، ومن المتكلمين والحكماء والعلماء من رآه نظريًا إلّا أنه عرفّوه بتعاريف ضعيفة سنبيّنها : 
-
ما ذكره المتكلمون : 
نقل عن المعتزلة تعريفهم للعلم بأنه : اعتقاد الشيء على ما هو عليه وأضاف أبو هاشم الجبّائي (ت ٣٢١ هـ) "مع السكون النّفس اليه"
وهذا التّعريف غير تام من جهتين : 
  1. خروج التصوّر عن التعريف، فنحن نعلم أن العلم ينقسم إلى تصور وتصديق، والتصوّر ادراك فقط لا اعتقاد فيه، فيلزم من هذا التّعريف بأنه لا يشمل التصوّرات 
  2. قوله اعتقاد الشيء على ما هو عليه، يخرج العلم بالمستحيلات مثل ( استحالة وجود شريك الباري) ونحن نعلم بها، والمستحيلات كما هو معلوم ليست بشيء
عرّف أبو بكر الباقلاني (ت ٤٠٣ هـ) بأنّه معرفة المعلوم على ما هو عليه، وهو أيضًا ضعيف من جهتين :
  1. أنه مشتمل على الدور، لأن المعلوم مشتقّ من العلم فبالنتيجة المعلوم يرجع إلى المصدر وهو العلم، اللهمّ إلّا أنه قام بشرح اللّفظ لا تعريف العلم بالحدّ والرسم.
  2. هذا التّعريف لا يصدق على الله سبحانه، لأن المعرفة اصطلاحًا هو العلم بعد الجهالة
نُسب إلى الشيخ الأشعري (ت ٣٢٤ هـ) تعريف العلم على نحوين :
تارةً يعرّفه بأن العلم هو الذي يوجب من قام به أن يكون عالمًا، بمعنى هو الشيء الذي يحصل عند الإنسان فيكون عالمًا
وتارةً يعرّفه بأنه ادراك المعلوم على ما هو عليه.
  1. وهو ضعيف أيضًا : فالتعريف الأوّل لا يفيد تصوّرًا زائدًا كما هو واضح
  2. والتعريف الثاني : يشتمل على الدور لأن المعلوم مشتقّ من العلم 

عرّف ابن فورك الأشعريّ (ت ٤٠٦هـ) العلم بأنه ما يصحّ ممن قام به اتقان الفعل، أيّ احكامه وتخليته عن وجوه الخلل
وهو ضعيف، لأن هذا التّعريف ناظر إلى ثمرة العلم، أي نتيجة العلم وما يترتّب عليه، ولم يعرّف حقيقة العلم.

نظرية المعرفة ؛ تعريف المعرفة

 تعريف المعرفة
-
المقصود بالمعرفة هنا هو (العلم) فهل العلم بحاجة إلى تعريف؟ 
الهدف من التّعريف هو رفع الابهام عن المُعرَّف وأن يكون المعرِّف أجلى وأوضح من المُعرَّف، فإذا كان مفهوم (العلم) من أجلى المفاهيم وضوحًا وبداهةً وتصوّرًا عند النّاس ، فهل يحتاج العلم إلى تعريف؟ 
-
ذهب الفخر الرازي (ت ٦٠٦ هـ) بأنّ العلم بديهي وهو مسغنٍ عن التعريف ونبّه على ذلك بوجهين :
  1. الوجه الأول : إنّ علم كل أحدٍ بأنه موجود ضروريّ، فهذا العلم يكون ضروريًا ولا يحتاج إلى دليل، فيكون علم الإنسان بوجوده هو (علم خاص) ؛ خاص بنفسه، فيلزم من العلم بالخاص العلم بالمطلق - من ناحية المفهوم- فيكون العلم بالكل سابقًا على العلم بالجزء، فيكون بدهيًا
  2. الوجه الثاني : لو كان العلم كسبيًا وليس ضروريًا، فإمّا أن يُعرَّف بنفسه أو بغيره، والأول باطل لاستلزامه للدور، وهو تعريف الشيء بنفسه والثاني باطل أيضًا لأن غير العلم يُعرَّف بالعلم أيضًا فمآله إلى الدور أيضًا وهو محال 
وهناك رأي آخر لأبي المعالي الجويني (ت ٤٧٨ هـ) يقول : أن العلم ليس ضروريًا بل هو كسبيّ (نظريّ) ولكن يعسر تحديده وتتبّعه الإمام الغزالي (ت ٥٠٥ هـ) فقال : يعسر تحديد العلم بعبارة محرّرة جامعة للجنس والفصل الذاتيين .
-
وهناك رأي آخر قائل بأنّ العلم نظريّ ويمكن تحديده، وقد ذكر له من الحكماء والمتكلمين والعلماء تعاريف شتّى أكثرها باطل وسنستعرضها في الدّرس القادم. 

الخميس، 3 أغسطس 2017

نظرية المعرفة

نظرية المعرفة
ما معنى نظرية المعرفة ؟ 
-
نظرية المعرفة هي العلم الباحث عن قيمة المعرفة وأدوات المعرفة.
 تبلوّرت نظرية المعرفة منذ ثلاث قرون على أيدي الفلاسفة الغربيين نظير -كانط- فأصبحت علمًا مستقلًا بذلك، والباحث في الفلسفة الإسلامية يرى أن أبحاث نظرية المعرفة مبثوثة في مباحث الفلسفة إلّا أنها لم تكن علمًا مستقلًا . 
والغاية المطلوبة من هذا العلم الوقوف على حقيقة المعرفة وأدواتها وحدودها، إذ أنّ هناك علاقة قوية وصلة وثيقة بين أبحاث نظرية المعرفة ومجمل المعارف البشرية، فلا شكّ أنّ هناك آراء فلسفية مختلفة على سبيل المثال (وجود الله سبحانه) فنجد مثلًا أن الفيلسوف الإلهي يؤمن به، ونرى الفيلسوف الماديّ ينكر وجود، وهذا الآراء الفلسفية كلها مبنية على أدوات التي أنتجت هذه المعرفة.
فما لم تتحقق هذه المسألة، ويتكوّن فيها رأي قاطع، لن تكون المناهج الفلسفية والعلوم بأكملها مثمرة، فالفلسفة المادية تنظر إلى الوجود بمنظار ضيّق والفلسفة الإلهيّة تنظر إلى تراه بنطاق أوسع ، وهذا كلّه عائد إلى الاختلاف بين أدوات المعرفة كما قلنا، فمن يقول بالعقل والحسّ بأنهما مصدر للمعرفة يؤمن بالطبيعة وماورائها، ومن الغى العقل وحصر أداة المعرفة بالحس
يجنح إلى المادّة وينكر ماوراء الطبيعة.