الجمعة، 30 يونيو 2017

جنس الأجناس ونوع الأنواع

جنس الأجناس
.
كما عرفنا في الدّرس السابق أنّ (الجنس) هو المقول في جواب ما هو  على الحقائق المختلفة بحسب الشركة المحضة بينها كالحيوان فهو جنسٌ للإنسان والثور . 
.
نشرع الآن في بيان (جنس الأجناس) ، فالأجناس قد تتصاعد وقد تكون أكثر من جنس حتى تصل إلى جنس لا جنس فوقه وقد تترتّب الأجناس في التّصاعد إذا كان لماهيّة واحدة أجناس كثيرة ولا يلزم ترتّبها، لأنّ الترتّب بمعنى كون كلّ شيءٍ في رتبة والرتب إمّا أن تكون رتب حقيقية أو رتب وضعية 
.
(الرتب الحقيقية) : هو توقّف الرتبة الثانية على الرتبة الأولى ( ترتّب المعلول على العلّة) 
( الرتب الوضعية) : تكون بالوضع والإعتبار بمعنى أنّ الواضع هو الذي رتّب فجعل هذا أولًا وذاك ثانيًا.
.
.
وترتّب الأجناس وتصاعدها هو من قبيل الترتّب الحقيقي بمعنى أن هذه الرتب منشأها ما هو ضروريّ التقدّم، فلا بدّ أن تنتهي هذه الأجناس إلى جنس لا جنس فوقه لبطلان التسلسل ويسمى (جنس الأجناس) ((كالجوهر)) فلا جنس فوقه.
.
.
نوع الأنواع

وتتنازل الأنواع إلى ما لا نوع تحته، فلابدّ أن تنتهي إلى (نوع الأنواع) فالذي يلي نوع الأنواع هو [ الجزئيات ] = الأفراد والمصاديق الخارجية، والدليل على ضرورة إنتهاء الأنواع إلى نوع لا نوع تحته وهو (نوع الأنواع) إذ لولا هذا الإنتهاء لمّا تحقق شيء في الخارج (فالنوع) من الكليات والمتحقق في الخارج هو الجزئيات كالإنسان فالإنسان نوع ولا نوع تحته بل الذي يليه أفراد الإنسان كزيد وعمرو .

الثلاثاء، 27 يونيو 2017

شبهة برتراند راسل

الخوف والدين

شبهة راسل كما هي موضّحة في الأعلى هو أن الخوف والقسوة هما أساس الدين والعلم يستطيع يتحاوز هذا الخوف وتعليقنا عليه كما يلي :
أولًا علينا توضيح معنى الخوف هنا وهو أحد أدلتنا للنّظر في الأديان وهو كما يلي : 
-
‏"دليل دفع الضرر المحتمل البليغ المقرون بالخوف"
‏-
‏هذا الدليل يجعل الإنسان يوجب على نفسه من خلال عقله أن يدفعه هذا الضرر خصوصًا هذا الدليل مبنيّ على مقدّمة حتمية . ماذا نعني مقدّمة حتمية ؟

‏فمثلًا الدين الإسلامي هدد الشخص الذي لا يعتنقه الإحراق بالنّار ؟ طيب متى سيكون هذا التهديد ؟ طبعًا بعد (الموت)

إذًا ‏الموت هو المقدّمة الحتمية لهذا العذاب إذ العاقل يُدرك أنّ الكل سيموت و هناك عذاب بليغ يجوز أن ينتظره عندها سيشعر بالخوف ...فإذًا سيوجب عقله أن ينظر في الأديان قطعًا بغض النّظر هو مشوّه أو لا، ومن هنا نستنتج أن الخوف هنا هو من أمر غيبي (ميتافيزيقي) والعلم قاصر في حل المشكلات الميتافيزيقية.

‏صحيح ، يُمكن أن يـشكل إشكال فنقول لماذا نرى أناسًا مدخنة مع انهم يعلمون إنّه يسبب ضررًا بليغًا و مع ذلك لا يرتبون أي أثر ؟
-
‏أقول : عندما نسأل أيّ عاقل (مدخّن) فنقول له ألا تعلم أنّك تضرّ نفسك بالتدخين و ممكن أن يسبب لك سرطان و أضرار أخرى ؟

‏سيقول : نعم أعلم! فالعقل يقول له أو يحكم بأنّ فعله خطأ وقبيح لأنه يسبب له الضرر ، فادفع هذا الضرر

‏ولكن هو ماذا يفعل يتجاوز حكم عقله باللامبالاة ..لمصلحة كون التدخين ممكن مريح لأعصابه .. واللامبالاة لا تكشف عن حكم العقل بل تكشف عن تجاوز لحكم العقل و ضربه عرض ولهذا لا يصحّ تجاوز حكم العقل لأنه يعتبر ضرب من الجنون إن صحّ التعبير، فليس هذا الخوف مبني على الظلم والخوف القهري (القسوة) كما توهّم راسل، بل هو الخوف الصحي الذي بحكم العقل يجب دفعه للنجاة .

الأربعاء، 21 يونيو 2017

هل يقدر الله على أن يغير علمه؟

اشكال ريتشارد دوكنز عن قدرة الله


اشكال ريتشارد دوكنز كما هو موضّح في الصورة أعلاه فيقول : لو كان الله كليّ العلم فهو يعرف مجرى التاريخ منذ الأزل فهل يقدر على تغيير علمه (وتغيير رأيه) وتغيير مجرى التاريخ ؟ 
-
الجواب : عندما نتثب صفة القدرة لله سبحانه فهي بالطبع مطلقة ولكن علينا أن نفهم قدرة الله بماذا تتعلّق؟، قدرة الله سبحانه تتعلّق بالممكنات فقط ، لا بالواجب ولا بالممتنع ودليل ذلك : 
لو كانت قدرة الله تتعلق بنفسه (الواجب) يلزم من ذلك قيام الحوادث به، لأن صفة العلم والقدرة على مذهبنا
(الشيعة الإمامية) هي عين ذات الله سبحانه وتغيير العلم أو على تعبير دوكنز (تغيير رأيه) يلزم منه قيام الحوادث بذات الله، ويلزم منه أن تتعارض صفتين ذاتيتيّن في نفس الذات وهذا الممتنعات العقلية ، والفرض أنّ الله أزليّ وقيام الحدوث فيه ينافي أزلية وهذا محال، فلا تتعلّق القدرة بنفسه (علمه) ، ولا يلزم من ذلك طبعًا تقييد القدرة ، لأننا نقول القدرة مطلقة على ما هو ممكن عقلًا لا على ما هو محال عقلًا (ذاته لا تقبل التحقق) ، وهذا من أوضح الواضحات

هل الإله كامل أم ناقص ؟

كمال الإله
‏الموجب لكمال الإله هو كونه واجب الوجود ، فنحن نقول سلسلة الممكنات في الواقع كلها ترجع إلى واجب الوجود لبطلان التسلسل والدور
‏وكونه واجب الوجود يجب أن يكون كاملًا ، ولو كان غير كامل - كما هو في الإشكال - لكان ناقصًا و يلزم من نقصانه أنه ممكن الوجود .
‏لأن الناقص هو من سمة الممكن كونه محتاجًا إلى غيره  ليستكمل، والفرض الذي افترضناه إنّ الله واجب الوجود فينتفي النقص عنه والإحتياج فيكون كاملًا من جميع الجهات ، لأن النقص من جهة واحدة يلزم إمكانها ويلزم أنه محتاج إلى غيره أيضًا لإستكمالها وهذا خُلف الفرض.

الأحد، 18 يونيو 2017

ما فائدة الدين إذا كنّا ندرك الأخلاق بدونه

فائدة الدين
.
الغاية من الدين هو إيصال الإنسان إلى كماله الروحيّ، عن طريق معرفة الله سبحانه وتعالى وصفاته وأسمائه الحُسنى وغيرها من أصول الإعتقادات كالنبوّة والإمامة -على مذهبنا- والمعاد، وتهذيب أخلاقه وغيرها الكثير
-
إذًا الهدف من الدين ليس مقتصرًا فقط على الأخلاق، نعم الأخلاق يمكن معرفة حُسنها وقبحها من العقل بناءً على قاعدة (الحُسن والقبح العقليان)، فإن الإنسان بعقله يُدرك حسن العدل وقُبح الظُلم، كذلك يعرف الإنسان قبح ترك شكر المنعِم وحسن شكره بالعقل.
-
فالإنسان منذ نشأته يُلاحِظ بأن هناك نِعَم موجودة متميّزة عنده عن غيره كالعقل والبصر وغيره وهي غير موجودة مثلًا عند النبات والحجر الخ، فيعلم الإنسان حينها بأن هناك منعِمًا أعطاه هذه النّعم، وهو خالقه، إذا اتضّح ذلك فنقول :
-
الله جلّ وعلا منعِم، والمنعِم يجب شكره لأن شكره حسن وترك شكره قبيح بالعقل فبالتالي طلب معرفة الدين إنّما هو لأجل شُكره وعدم تضييع ذلك، وحكم العقل هنا منطلق من جانب الخالق.
-
 وقد يُشكل على الإلهيين بأنكم تقول نِعَم الخالق لا تُحصى، إذًا مهما فعلتم فلن تشكروه حق شكره وبالتالي هذا قبيح أيضًا
-
أقول : نعم صحيح نِعَم الله لا تُحصى ومهما فعلنا فلن نشكره حقّ شُكره إلّا أننا بعد معرفة الدين، فالله جلّ وعلا هو الذي يحدد كيفية شكره كأن يفرض واجبات معيّنة في اليوم مثلًا كآداء الصلوات الخمس في التأدية شكره فينتفي القبح لأن المُنعِم هو الذي حدد كيفية هذا الشكر على هذه النِعَم التي لا تُحصى
-
ملاحظة : يقول الإمام علي بن أبي طالب (صلوات الله وسلامه عليه) : بُعِث الأنبياء لإثارة دفائن العقول، وهنا نقول : وإن كان العقل يحكم بحسن وقبح الأفعال، فالدين يأتي كمنبّه للإنسان، فقد تتلوث فطرة الإنسان ويميل إلى الرذائل متجاوزًا بذلك حكم عقله على هذا الفعل الذي أرتكبه، فيأتي الدين كقانون للتنبيه وإرشاد النّاس والحدّ من القبائح التّي قد يرتكبها.

الجنس والنوع

الجنس والنوع
.
.
كما أوردنا في الدّرس السابق ف "في جواب سؤال ما هو" بأن الجواب عن هذا المسؤول عنه يجب أن يكون بتمام ذاتياته وأمّا الآن نشرع ببيان خصوصيات المسؤول عنه، فإن سُئلَ المسؤول عنه بـ " ما هو " بخصوص جزئيات تكثّرت بالعدد (كزيد وعمرو) فيُجاب بالحقيقة المتفق فيها، فزيد وعمرو إثنان في الخارج فهما إذًا كثير، ولكنّهما لهما حقيقة واحدة وهي "الإنسان" ، لكنّهما تكثرا في الخارج باعتبار الوجود، بمعنى أن الوجود عَرَضَ على ماهية زيد فأصبح زيد متحقّق في الخارج، وعَرض على ماهية عمرو فأصبح عمرو متحقق في الخارج لأن الوجود خارج عن ذاتيات الماهية وإنما يعرض عليها، فأصبحا موجودان في الخارج (متكثّران) إلّا أنّه وكما قلنا لهما حقيقة واحدة وهي " الإنسان" ، فإذا كانت هذه الحقيقة واحدة لأعداد مختلفة عرفت (بالنوع)
.
.
وإن سئل المسؤول عنه عمّا تختلف حقائقها (كالإنسان والثور) -معًا- كأن يقول (ما هو الثور والإنسان ) ؟ فالإنسان والثور لهما حقيقتان مختلفتان وإنّما يجاب عن هذا السؤال بالشركة التي بينهما ألّا وهي الحيوانية فيقول هما من "الحيوان" = (جسمٌ نامٍ متحرّك بالإرادة)، فإذا كانت الحقائق مختلفة مع تعدد أفرادها فالمشترك بينها "الحيوان" يسمى (جنس)
.
وإن خصّ بالسؤال بواحدٍ منهما كالسؤال عن الإنسان بمفرده فلا يكفي بأن يقول "حيوان فقط" بل يجب أن يضمّ اليه ما يختص به أيضًا (كالناطق) . 

السبت، 17 يونيو 2017

نظرية المعرفة

نظرية المعرفة
.
.
الدرس الأوّل من نظرية المعرفة :

نظرية المعرفة : نظرية المعرفة من الموضوعات الإشكالية جدًا في العصور المتأخرة

و لكي نبيّن المقصود من نظرية المعرفة لابدّ أن نقسّم المعرفة إلى قسمين

١- معرفة أوليّة : و هي من أين أتتنا المعلومات ( يعني كيف علمنا بالوجود و العدم) و بعبارة أخرى : "بحث في جذور المعرفة الإنسانية"

٢- معرفة ثانوية : و هي دراسة الأفكار بعد وجودها في العقل الإنساني مثل دراسة "التعددية الدينية" فنحن نريد دراستها بعد ما تحققت في الخارج

عمومًا نحن لا شأن لنا في في (المعرفة الثانوية) )الّمهم فقط المعرفة الأوليّة و هي محلّ الدراسة عند السيّد الشهيد (قده)
 
علم المعرفة الأوليّة و تعريفه أعلاه ^ ينقسم إلى قسمين :

١- مصدر المعرفة ( من أين أتتنا المعلومات)

٢- قيمة المعرفة ( مثال: لو خطر في بالك قانون العليّة) هنا تسأل نفسك : هل فكرة العليّة صحيحة أو لا ؟ و نسمّيه بحث (اعتبار المعرفة)
.
و المعرفة أيضًا على قسمين : 

١- التصوّر : و هو الإدراك الساذج مثل " الحرارة" فقط إحضارها في الذهن دون الحكم عليها .

٢- التصديق : تصوّر الشيء مصحوبًا بحُكم (إثبات شيءٍ أو نفيه) ..

نحن قلنا أن نظرية المعرفة تدرس من أين أتتنا المعلومات و بعبارة أدّق ما هي "مصادر المعلومات" 

إذًا البحث سيكون ، ماهي مصادر التصوّرات و مصادر التصديقات 

وهو بحث : من أين تأتي مصادر التصوّرية للإنسان ؟ من أين تتولد الإدراكات الساذجة للإنسان (بسيطة أو مركبة) ؟

الخميس، 15 يونيو 2017

في جواب سؤال "ما هو "

في جواب سؤال ما هو
.
.
الكلام في ما يُقال في جواب " ما هو "،  فالشيء الذي له هويّة يُشار اليه عادةً بـ " هو " ، فلا يصحّ مناداته بـ " هو " حتى تتمّ له هويّة، فبما يُجاب عن السؤال ينبغي أن يكون الجواب بما تتمّ له الهويّة بمعنى [ يجب أن يُجاب عن ما هو بتلك الأشياء التي تُقوِّم الهويّة، والمسؤول عنه بـ "ما هو" له ماهيّة بالضرورة، فالماهيّة أصبحت ماهيّة بجميع ذاتياتها، فأصبحت للماهيّة هويّة، فيُجاب عن الماهيّة بما تشترك بها مع غيرها والتّي تختصّ وتتميّز بها، فالإنسان ليس هو إنسان بكونه حيوانًا فقط لا غير، بل إنسانيته تتحقّق بكونه " حيوانًا وناطقًا" يعني :  
الذاتيّ المشترك التي يشترك به الإنسان مع غيره هو "الحيوان" ويُعرف بالجنس 
الذاتي المختص الذي يختص به الإنسان دون غيره وهو " الناطق" ويُعرف بالفصل.
فالجنس (الحيوان) والفصل (الناطق) هي التي تُقوِّم ماهيّة الإنسان وتجعل له هويّة ، فيجاب عن ما هو الإنسان بـ"
الحيوان الناطق".

الأربعاء، 14 يونيو 2017

العرضي وأقسامه

العرضي وأقسامه
.
.
(العرضيّ) هو في مقابل الذاتي، فالذاتيّ كما عرفنا في الدروس السّابقة هو المُقوِّم لذات الماهيّة، وأمّا العرضيّ فهو ما يلحق تلك الماهيّة بعد تقوِّمها، والعرضيّ لا مدخل له في تقويم الماهيّة وهو على قسمين  : 
  • عرضيّ لازم 
  • عرضي غير لازم وهو (العرضيّ المُفارق)
والعرضيّ اللازم على قسمين :
  • لازم للماهيّة
  • لازم للوجود
ولازم الماهيّة  على قسمين أيضًا :
  • لازم بيّن بالمعنى الأعم والأخص
  • لازم غير بين
لازم الماهيّة البيّن (بالمعنى الأخص) هو الذي يكفي في تصوّر الماهيّة تصوّر لازمها كتصوّر " الزوجيّة للإثنين "، بمعنى مجرّد تعقّل ماهيّة الإثنين في الذّهن فنتصوّر لازمها بأنها عدد زوجي
.
لازم الماهيّة البيّن (بالمعنى الأعم) هو تصوّر ما يلزم من تصوّر الماهيّة وتصوّر الملزوم وتصوّر النّسبة بينهما بأن تجزم بالملازمة بمعنى : "الإثنين نصف الأربعة" فإذا تصوّرت معنى الإثنين قد تغفل على أنها نصف الأربعة، لكنّك إذا تصوّرت الإثنين وتصوّرت الأربعة وتصوّرت النسبة بين الإثنين والأربعة فإنّك تجزم بأن الإثنين نصف الأربعة
.
اللازم غير البيّن فهو لا يكفي في تصوّر اللازم والملزوم والنّسبة بينهما، بل يحتاج إلى إثبات الملازمة وإقامة الدّليل، كالحكم على مثلث بأنها زواياه تساوي مجموع زوايتين قائمتين أي ( ١٨٠ْ) ، فتصوّر ماهية المثلث وتصوّر مجموع الزوايا وتصوّر النسبة بينهما لا يكفي، بل يحتاج إلى الدليل الهندسي.
.
.
لازم الوجود ؛ كالسواد للحبشيّ فهو لازم لشخصه ووجوده لا لماهيّته.
.
توضيح : كّل ما ذُكر أعلاه فهو من أقسام العرضيّ اللازم كما في التّقسيم.
.
.
العرضيّ المُفارق هو ما لا يمتنع انفكاكه عقلًا عن موضوعه، كأوصاف الإنسان المشتقة من أفعاله وأحواله وهو على قسمين 
  • عرضيّ مفارق سريع كـ (قيام زيد) ،  (خجل عمرو) الخ 
  • عرضيّ مفارق بطيء كـمرحلة (الشباب للإنسان) فهي بطيئة لأن تزول من عند الإنسان . 

الأعمّ يُحمل على الأخصّ دون العكس

الأعمّ يُحمل على الأخصّ لا العكس
.
كلّ أعمّ من حيث المفهوم فهو بالطبع محمول على ما هو أخصّ منه كحمل " الحيوان " على "الإنسان"، وأمّا العكس فليس كذلك فلا يُقبل أن يُقال " الحيوان إنسان "، بينما يُقبل أن يُقال " الإنسان حيوان " ، وسبب قولنا بالطبع هو أنّ الحمل هو الحُكُم،  فالموضوع محكوم عليه والمحمول هو الحُكُم، والحُكُم بحسب طبعه وضع على كلّ ما يصحّ أن يكون محكومًا عليه، فبالطبع المحكوم عليه أخصّ من الحُكُم، فيكون المحكوم عليه هو واحد من مصاديق وجود الحُكُم، فالحلال والحرام غير موجودان في الخارج وإنّما الموجود هو مصاديقهما.
.
.
فنقول : الأعمّ من الشيء هو الذي يصدق عليه وعلى غيره، ومعنى الصدق هو الإنطباق، فالأعم صادق على الأخصّ بالطبع، وأمّا حمل الأخص على الأعم، لا يكون حملًا طبيعيًا بل يكون حملًا وضعيًا بمعنى وضع الواضع.
.
والأعمّ يكون أعمّ باعتبار وجوده في أفراد الأخصّ، وغير أفراده كالإنسان والحيوان فالحيوان منطبق على الإنسان وغيره، وكما أن الأعمّ قد يكون باعتبار المفهوم لا غير، كالضاحك، فالضاحك معناه أنه " شيء ما ذو ضحك "، من غير التفات أن الضحك صادر من الإنسان أم لا ، نعم في الخارج لا يوجد ضاحك إلّا الإنسان، لكنّ المفهوم لا يمنع من انطباقه على غيره، فالمشتق لا يدل على خصوصيات الحقائق، فالماشي والضاحك والكاتب لا تدلّ هذه الخصائص على الإنسان، فالضاحك والكاتب أعمّ من مفهوم الإنسان، ولكن في الخارج هما متساويان بمعنى أن كل كاتب إنسان ، وكل ضاحك إنسان، ولكنهما أعمّ من الإنسان.

الحمل الذاتي والحمل العرضي

الحمل الذاتي والحمل العرضي
.
قال المحقق نصير الدين الطوسي ( قدّس الله نفسه ) : كل محمول بالمواطاة وبالطبع، فإمّا ذاتيّ لموضوعه أو عرضي له .
.
أقول : بعد أن عرضنا في الدّرس السابق بأن الحمل إمّا أن يكون بالمواطاة أو بالإشتقاق، كما أنّ الحمل يكون بالطبع وقد يكون بالطبع، وبعد أن تعرّضنا لهذه الأقسام نريد الآن أن نُعطي أحكامًا خاصة، فعندنا الآن تقسيم خاص لما كان حملًا بالمواطاة والطبع فهو خاص به فقط
.
فنقول : المحمول بالمواطاة وبالطبع ينقسم إلى إمّا ذاتيّ وإمّا عرضيّ، وقيّدنا الحمل " بالطبع " ليخرج مثل قولنا
"الحيوان إنسان"، فلا الإنسان ذاتيّ للحيوان ولا هو عرضيّ له، فلا يصحّ ذلك، وجاز التّقسيم هنا أي " بالطبع " ، لأنّ المحمول إمّا أن يكون مُقوِّم للذات أو عارض للذّات ( أي = الموضوع)، لأن المحمول إمّا هو نفس ماهيّة الموضوع وإنّما يزيد على الموضوع بعوارض مشخّصة له كقولنا " زيد إنسان " ، فإن الإنسان ( المحمول ) هو عين زيد ( الموضوع )، ولكن الفارق بين الإنسان وزيد هو العوارض المشخّصة لزيد، فبهذه المشخّصات أصبح زيد " جزئيًا ".
.
وإمّا أن يكون المحمول ليس هو نفس الموضوع وإنّما جزء مُقوِّم لحقيقة الموضوع كقولنا " الإنسان حيوان " ، فالحيوانية ليس هي تمام مفهومية الإنسان وإنّما جزء من حقيقة الإنسان، فيقال لكلا القسمين أعلاه ( حملًا ذاتيًا )، فالحمل الذاتي إمّا أن يكون المحمول هو تمام حقيقة الموضوع أو جزء من حقيقة الموضوع .
.
.
وأمّا (الحمل العرضيّ) فالمحمول فيه لا يكون هو تمام حقيقة الموضوع ولا هو جزء حقيقة الموضوع، وإنّما يُحمل على الحقيقة نسوبًا اليها ( عارض لها ) كقولنا : (الإنسان ضاحك) فالضاحكية ليست هي تمام حقيقة الموضوع ( الإنسان ) وليست هي جزء الحقيقة، وإنّما الضحك عرض للموضوع ( الإنسان ).


مفهوم الذاتيّ
.
لتوضيح مفهوم الذاتيّ لابدّ من توضيح بعض الأمور وهي : 
مُقوِّم الشيء على قسمين :
  • مُقوِّم ماهية
  • مُقوِّم وجود
الماهيّات المركّبة في الخارج تحتاج لنحوين من العلل

  • علل قِوام : يُراد منها [ الأجناس ، الفصول ] بمعنى متوقّفة معقولية الشيء عليها، فلا يُمكن تعقّل الإنسان بدون تعقّل جنسه وفصله ( الحيوان الناطق)
  • علل وجود : يُراد منها فهو الشيء الذي يحتاج إلى [ علّة فاعلية ، علّة غائية ] 


فنقول : الذاتيّ هو ما يُقوّم ذات الشيء [ غير خارج عنه ]، فقولنا : ما يُقوِّم ذات الشيء، أي أن الماهيّة في الخارج لا تتحقّق إلّا بها سواء كان هذا الذاتيّ هو نفس الماهيّة [ مع الفرق بين العوارض المشخّصة ] ، كالإنسانية لزيد وعمرو، فإن خواص الذاتيّ موجودة فيها، أو جزء منها كالحيوان للإنسان أو الناطق، وقيّدنا الكلام بـ [ غير خارج عنه ]، لأن المُقوّم الذاتي إمّا مقوِّم ماهية أو مُقوِّم وجود، ومقوِّم الوجود خارج عن الماهية إذ مقوّم الوجود يُراد به [ العلّة الغائية ، الفاعلية ] .

حمل المواطاة " هو هو " وحمل الإشتقاق " ذو هو "

حمل المواطاة وحمل الإشتقاق
.
.
الموصوف الواحد كالإنسان وصفاته كالضاحك والكاتب، إذا جُعِل بعضها محمولًا على بعض كقولنا (الإنسان ضاحك)، فالإنسان هنا هو "الموضوع" والضاحك هو "المحمول عليه"، وذلك يُعرف بحمل ( المواطاة ) و " الضحك " أيضًا يُحمل على الإنسان ولكن (بالإشتقاق)
.
والفرق بينهما كالتالي : 
.
عندما نقول ( الإنسان ضاحك ) فالإنسان هو ذات متحققة في الخارج، والضاحك أيضًا ذات وهي نفس الإنسان، فيكون الضاحك هو نفس الإنسان، فتتّحد الذاتان هنا فيكون حمل الضاحك على الإنسان حملًا (بالمواطاة) أي هو هو ، بمعنى أنّ الموضوع هو المحمول وبعبارة أصحّ ( ذات الموضوع هي ذات المحمول ) 
.
.
وأمّا حمل "الضحك" على الإنسان فمختلف، فالضحك ليس هو نفس ذات الإنسان في الخارج، فليس حمل الضحك على الإنسان هو حمل " ذات على ذات "، فإذا كان الضحك ليس هو نفس الإنسان، فلابدّ من وجود واسطة ومُصحح للحمل كتوسيط ( ذو ) ، فـ " ذو " توسطت لتصحيح حمل الضحك على الإنسان، فيقال : ( الإنسان ذو ضحك ) فيُعرف بحمل (الإشتقاق) أو حمل ( ذو هو ).

الثلاثاء، 13 يونيو 2017

الجزئي والكليّ

الجزئي والكليّ

اللّفظ المفرد المانع مفهومه من وقوع الشركة فيه كـ ( زيد ) المُشار إليه فهو ( جزئي ) وإن كان اللّفظ المفرد غير مانع مفهومه من وقوع الشّركة فيه فهو ( الكليّ )
.
.
توضيح : المعنى بلحاظ الخارج يُسمّى "مصداق" والمعنى بلحاظ وجوده في الذّهن يُسمّى "مفهوم"، فإذا كان هذا المفهوم ليس له إلّا مصداق واحد في الخارج، وكان منشأ الحصر أنّ هذا المفهوم لا ينطبق إلّا على مصداق واحد كان ( جزئيًا ) فعندما نقول " هذا زيد " فمفهوم هاذية زيدٍ لا يسع إلّا أن تنطبق على مصداق واحد في الخارج والإشارة هنا لها مدخلية في تعيين المصداق عند - أكثر المحققين - وإلّا فمفهوم زيدٍ في الذّهن من غير الإشارة ينطبق على كثيرين . 
.
.
وأمّا غير المانع فهو (الكليّ) "كالإنسان" لأنه لا يمنع من وقوع الشركة فيه ولو بالإمكان وإن لم يوجد له مصاديق في الخارج وإنّما ذات المفهوم لا يمنع من الشركة وهذا منشأ الإمكان، فالكليّ كليّ وإن لم يقع فيه كمفهوم الشّمس، فهي مصداق واحد في الخارج، ولكن مفهوم الشّمس كليّ لأنها ممكنة أن تنطبق على كثيرين ولو بالإمكان.
.
.
وهنا هنا مباحث : 
.
.
  • المبحث الأوّل :
الجزئية والكليّة للمعنى من الألفاظ بالأول وبالذات ويُنسب إلى بالثاني والعَرض فالجزئية والكليّة ليست للفظة "زيد" بما هيءض لفظة، حتّى يُقال أنّها اشتركت باللّفظ، لا ، بل المهم معنى " زيد " ينطبق على كثيرين أم لا ؟ هل يقع فيه الشركة أم لا ؟ فالجزئية والكلية من المعقولات الثّانية المنطقية، فهي من المفهومات الذهنية فالجزئي والكليّ وصفان للمفهوم المنطبع في الذهن الوجود الخارجي، فانسانية زيد في الخارج ليست كليّة ولا جزئية، وإنّما هي جزئية في الذّهن أي من المعقولات الثانية المنطقية.

  • المبحث الثاني : 
والكليّ على ست أقسام، ومنشأ هذا التّقسيم إلى الأفراد المتشاركة وهي :
  • أن يكون الكليّ ممتنع الوجود في الخارج كمفهوم ( شريك الباري ) 
  • أن يكون الكلي ممكن الوجود في الخارج ولكنّه غير موجود كمفهوم ( العنقاء ) 
  • أن يكون الكلي موجودًا في الخارج ولكن الموجود منه فردًا واحدًا فقط مع امتناع الشريك كمفهوم ( واجب الوجود ) 
  • أن يكون الكليّ موجودًا في الخارج مع إمكان وجود غيره كمفهوم (الشمس) 
  • أن يكون الكليّ موجود بكثرة في الخارج لكنه متناهي كمفهوم (الأفلاك) وموضوعها على الهيئة والفلك
  • أن يكون أفراد الكليّ موجود بكثرة في الخارج ودلّ العقل على إستحالة تناهيها كمفهوم ( النفوس الناطقة ) وموضوعها ( الطبيعيات) 

الإسم والكلمة والأداة

الإسم والكلمة والأداة

ينقسّم اللّفظ المفرد إلى قسمين : 
  • اللفظ المفرد التام 
  • اللفظ المفرد الناقص
اللّفظ المفرد التّام هو ما يتمّ دلالته بنفسه، أي لا يحتاج إلى لفظ آخر أو مفردة أخرى ليُفهم معناها، فإن تجرّد عن الزمان فهو (الإسم) مثل ( زيد) وإن دلّ على زمن بالتّصريف فهو ( الكلمة ) مثل : ( يقوم ) واللفظ المفرد الناقص هو ( الأداة )، واللّفظ المفرد النّاقص هو ما لا يتمّ بدلالته بنفسه مثل ( في ) ( على ) الخ .
.
.
ملاحظة : المركّب التّام لكي يكون تامًا لا يكفي بأن يتكون من مفردتين تامتين بل يجب أن يكون هناك ربط ونسبة إندماجية بين المفردات ليكون قوله تامًا وإلّا كان قوله متبعثرًا غير تام ، ويجوز أن يكون المركّب التام يحوي على أكثر من مفردتين  تامتين، وكما قلنا أنّ الفرق بين الإسم والكلمة هو الذي يتجرّد عن الزمان بينما الكلمة هي التي تقع في الزمن لا أنّ المعنى هو الزمن بل هي التي تقترن بأحد الأزمنة وشرط الإقتران هو هيئة اللّفظ وتصاريفه مثل ( يقوم) 

اللفظ المفرد والمركّب

المفرد والمركّب


اللّفظ الذي لم يُقصد من أجزائه أن تكون له دلالة في المعنى أصلًا فهو اللّفظ (المُفرد) ، كلفظة " الإنسان " ، فالإنسان لفظ يُقصد منه الحيوان النّاطق ، فلفظة الإنسان بحروفها هل لها دلالة على شيء من المعنى المقصود أعني ( الحيوان الناطق ) ؟ لا ليس لها دلالة لأجزاء اللّفظ على المعنى المقصود 
والذي جُعلت أجزاؤه دالة على جزء المعنى فهو اللّفظ (المركّب) فاللافظ يقصد أن يجعل جزء اللفظ دالًا على جزء المعنى، فالمركّب ذو أجزاء وكذلك المعنى كـ " الحيوان الناطق " فلفظة الحيوان الناطق هو الذي تشير به إلى " الإنسان" فجزء اللّفظ الذي " الحيوان " أو "الناطق" دالًا على جزء معنى الإنسان . 
.
.
وها هنا مبحث 
.
المبحث  : 
.
اللّفظ (المُفرد) قد يكون لبعض أجزائه دالًا على جزء المعنى، ولكنّ هذا المعنى لم يُستعمل اللّفظ من أجله، بل دلالته من حيثية أخرى وقصدٍ مغاير، فالمعنى المقصود بالفعل ليس لجزء اللّفظ دلالة عليه، وأمّا المعنى غير المقصود قد يكون لجزء اللّفظ دلالة عليه، لكن بحاجة إلى قصدٍ آخر غير القصد الأوّل، فاذا انتفى القصد انتفت الدلالة 
  • مثال : لدينا لفظة (أ) و (أ) له أجزاء لفظية فجزء لفظة (أ) إمّا أن يكون له دلالة أو لا يكون له دلالة، فوجود الدلالة من عدمها متوقّفة على قصد اللافظ مثل لفظة " عبدالله " فقد يكون اسم علم فيكون لفظ (مفرد) وإمّا أن يكون نعتًا وصفة فيكون (مركّبًا)، فإن أردتها (مفردًا) أي اسم علم ؛ فلن يكون لأجزائها دلالة على المعنى وإن كان لها معنى آخر إذا كانت مركّبة ، لكن هذا المعنى الآخر يحتاج إلى قصد من اللافظ، وإلّا فلن يكون لها دلالة من غير قصد، فالدلالة متقوّمة بالقصد.

اللفظ المتواطئ، المشترك، المشكك، الترادف والتباين

التواطئ والتشكيك والإشتراك
  • إن كان الواحد من الألفاظ [ اللّفظ الواحد] يدلّ على معناه الواحد وهذا المعنى موجود في مصاديق كثيرة في الخارج  بشرط السواء فهو يُعرف (بالتواطئ)
مثال : لفظ (الإنسان) فالإنسان معناه واحد وهو (الحيوان الناطق) لكن مصاديقه كثيرة في الخارج كزيد وعمرو وبكر الخ
أمّا شرط السواء فلأن إنسانية زيد هي نفسها إنسانية عمرو الخ، بمعنى ان هذا اللفظ ينطبق على مصاديقه بالتّساوي.
.
.
  • إن كان الواحد من الألفاظ [ اللّفظ الواحد] يدلّ على معناه الواحد وهذا المعنى موجود في مصاديق كثيرة في الخارج، لكن " لا على السواء " فهو يُعرف (بالتشكيك) أي أن هذا المعنى من اللّفظ ليس متساويًا بين أفراده وهذا معنى "لا على السواء"
مثال : كلفظة " الموجود" على العلّة والمعلول فوجود العلّة أولى وأشرف من وجود المعلول ، كذلك وجود الله أولى كذلك الجوهر والعَرض ، فوجود الجوهر أقدم من وجود العَرض فيكون أولى منه كما أنّ العَرض أساسًا يحتاج في وجوده إلى الجوهر 
.
.
  • وإن كان اللّفظ الواحد يدلّ على معاني كثيرة فهو يُعرف (بالإشتراك)  أي المشترك اللفظي.
مثال : لفظة  (عين) فهي تُطلق على العين الباصرة وعين البئر وعين الشمس الخ . 


الترادف والتباين

  • إن كانت (الألفاظ الكثيرة) تدلّ على معنى واحد فتسمّى هذه الألفاظ (بالمترادفة
مثال : " كالإنسان والبشر " فإنها أكثر من لفظ واحد ولكنّها تدلّ على معنى واحد وهو "الحيوان النّاطق" 

  • وإن كانت (الألفاظ الكثيرة) تدلّ على معاني كثيرة فتسمّى هذه الألفاظ (بالمتباينة)
مثال  :  (كالإنسان والفرس) فإن معانيهما متكثّرة بتكثّر الفاظهما 

الاثنين، 12 يونيو 2017

شبهات حول برهان الإمكان

نقد الشبهات حول برهان الإمكان

أُشكلَ على برهان الإمكان كالتالي : فقيل أنّ هذا البرهان يلزم منه تخصيص القاعدة العقليّة وهو أنّ ( لكلّ معلول علّة) فإذا كان الشيء لا يتحقق إلّا بعلّة ، فما هي علّة وجود الله ؟ ثم قيل : أنّ تقسيم الوجود إلى (الواجب والممكن) ليس يقيني ولا واضح .
.
.
الجواب : 
أقول : لا يلزم من هذا البُرهان لا تخصيص القاعدة العقلية ولا تقضها فقولنا ( لكل معلول علّة ) يكون الله سبحانه خارج عن هذه القاعدة بالتخصص ، لأننا نقول بأنّ الله سبحانه ليس بمعلول أصلًا لكي تكون له علّة فالقول : بأن الشيء لا يتحقق إلّا بعلّة هو قول باطل لأن الشيء ينقسم إلى 
  • واجب الوجود
  • ممكن الوجود
فواجب الوجود يتم إثباته ببطلان التسلسل وهو محال عقلًا وهناك عدّة أدلة على بطلان التسلسل كبرهان التطبيق والتضايف ولكن من باب التقريب فأقول :
لو فرضنا أن هناك جندي أراد إطلاق رصاصة ولكنه لا يستطيع إطلاقها إلّا بإذن الضابط مثلًا وهذا الضابط لا يستطيع اعطاء الإذن إلّا باذن الجنرال وهذا الجنرال لا يستطيع أن يعطي الإذن إلّا باذن من هو بأعلى رتبة منه وهكذا إلى ما لا نهاية
فإن هذه الرصاصة لن تنطلق أبدًا ، لكنها ستنطلق إذا أعطى رئيس الدولة الإذن باطلاقها لأن الرئيس لا يحتاج اذن أحد في إصدار الأوامر فستنطلق الرصاصة قطعًا ، فبرهان الإمكان يثبت وجود واجب الوجود لإنقطاع تسلسل المعلولات إلى علّة أولى لا أول لها - أي ليس لها علة - فيثبت مطلوبنا .
.
.
وأمّا ثانيًا : 

قسمة العقل للموجودات إلى واجب وممكن هي بالضرورة العقلية وإن شئت سمها بالحصر العقليّ، فالموجود إمّا أن يكون وجوده من ذاته وهو الواجب أو من غيره وهو الممكن وهذا كلّه بالضرورة والحصر العقلي وعدم وضوحها لا يعني بطلانها.

نقد شبهة حول برهان الحدوث


نقد شبهة حول برهان الحدوث


أُشكلَ على برهان الحدوث ؛ ققيل غاية ما يثبته البرهان أن لهذا الكون محدث (وعلة اولى) ولا يعني ذلك أنه اله ولا يعني إثبات صفاته !
‏.
‏فأقول : حين نقول أنّ هذا البرهان يثبت علة اولى بالضرورة أثبت الألوهية معه ! لماذا؟
‏لأن طالما أنّ هذا العالم كله حادث وهذا الحادث يحتاج الى محدِث
‏إذًا هذا المحدث ليس بحادث والا للزم أن يحتاج الى محدث اخر وهكذا الى ما لا نهاية فيتسلسل والتسلسل باطل عقلًا
‏اذا هذا المحدث ليس بحادث بل على العكس هو قديم ، وطالما هذه (العلة الأولى ) قديمة ومحدِثة لهذا العالم فكيف لا تكون اله ؟ معنى ذلك، أنت لديك نزاع مع الإسم اله نفسه فنزاعك لفظي فقط لا غير ،  المهم أن أثبت علة اولى قديمة لهذا العالم  وهذا مطلوبنا
‏.
.
‏وثانيًا اعتراضه أن هذا البرهان لا يثبت صفات الله، هبّ أنه سلّمنا من قال لك أصلًا أنّ برهان الإمكان أو الحدوث وظيفتهما أنهما يثبتان صفات الله سبحانه؟ غاية مافي هالبراهين أنه تثبت أصل الوجود لا الصفات
‏اذهب وافتح اي كتاب كلامي
‏ستجد : باب اثبات الصانع
‏باب في انه عالم
‏باب انه قادر
‏باب انه حي
‏الخ ...كلها لها أدلة أخرى
‏فمن قال لك وظيفة هذه البراهين اثبات الصفات؟
‏على أن المتكلمين صاغوا بعض البراهين التي تثبت أصل وجود الله مع صفاته كبرهان النظم فليراجع تقرير هذا البرهان من الكتب الكلاميّة

متابعة للدلالة اللفظية

الدلالة اللّفظية
المبحث الرابع :  اللّفظ قد يكون مشتركًا بين المعنى وجزئه، أو يكون اللفظ مشتركًا بينه وبين لازمه
.
.
بيان ذلك : في اصطلاح المناطقة لدينا لفظة " الإمكان "، وقد يقصد منه  " الإمكان العام " - وهو سلب إحدى الضرورتين عن موضوعٍ ما وقد يقصد منه " الإمكان الخاص " وهو سلب الضرورتين معًا عن موضًوع ما 
فيكون الإمكان العام جزءًا من الامكان الخاصّ ، لأن الأول سلب إحدى الضرورتين والثاني سلب الضرورتين معًا فيكون الأول ضمن الثاني . 
حينئذٍ لفظة الإمكان تكون لها دلالة مطابقية على " الإمكان العام " ولها دلالة تضمنية على " الإمكان الخاص " باعتبار أنّ الإمكان العام جزء من الإمكان الخاص كما تقدّم  

مثال آخر : لو فرضنا أن هناك رجلًا قام تسمية ولده باسم " ناطق " فيصير اللفظ " ناطق " دالًا عليه بالدلالة المطابقية باعتبار اسمه، ودالًا عليه أيضًا في نفس بالدلالة التضمنيّة باعتبار كونه إنسان فإحدى جزئيات الإنسان كونه ناطق. 
.
.
واللّفظ قد يكون مشتركًا بين المعنى ولازمه كمن يُسمّي شخص ولده بإسم " ضاحك " فالضاحك تدلّ على الولد بالدلالة المطابقية باعتبار اسمه ، وتدلّ على لازمه باعتبار كونه إنسان فمن لوازم الإنسان أن يكون ضاحك 
.
.
.
المبحث الخامس : الدلالة الإلتزامية شرطها اللّزوم بين المعنى الأوّل وبين المعنى الثاني المتجوّز إليه وهنا اللّزوم لا يخلو إمّا أن يكون ذهنيًا أو خارجيًا أو في كلاهما 
وشرط الدلالة الإلتزامية هو اللزوم الذهني، لأنه لو لم يحصل هذا التلازم بين المعنيين في الذهن للزم عدم الفَهم ؛ فكيف أعرف ملازمة بين طلوع الشمس وطلوع النهار إن لم أفهم الملازمة بينهما في ذهني؟  ، فتنتفي الملازمة الخارجية كدلالة لفظ "العمى" على عدم البصر ، هذا كشرط ذهنيّ ، أما كشرط خارجيّ، فالدلالة الإلتزامية حاضرة 
كدلالة الجسم والحيّز له ، فكلّما حضر الجسم حضر الحيّز معه . 

الأحد، 11 يونيو 2017

الدلالة اللّفظية

  1. الدلالة اللّفظية


المبحث الثالث : ما هي الدلالة اللّفظية ؟ 
.
الدلالة هي فهم المعنى من اللفظ عند اطلاق اللّفظ أو تخيّله عند العالِم بالوضع، والدلالة على معناها الأعم على أقسام
  • دلالة طبيعية : كدلالة " أحٍ أحٍ " على ألم الصدر 
  • دلالة عقلية : كدلالة الصوت على المصوِّت
  • دلالة وضعية : مستفادة من وضع الواضع وهي التّي يُبحث عنها في المنطق
 والدلالة الوضعية أيضًا على أقسامٍ ثلاثة :
  • دلالة مطابقية 
  • دلالة تضمنيّة 
  • دلالة التزامية 
الدلالة المطابقيّة : هي دلالة اللّفظ على تمام معناه كدلالة الإنسان على ( الحيوان النّاطق) فإذا انتقل الذّهن من لفظ الإنسان إلى معنى (الحيوان الناطق) لا بخصوص الحيوانية ولا بخصوص الناطقية بل لكليهما حينئذٍ يُسمّى هذا الإنتقال انتقال دلالة مطابقية
.
الدلالة التضمنيّة : انتقال الذهن من اللّفظ ( الإنسان) إلى جزء المعنى ، إمّا الحيوانية وإمّا الناطقية ، وأعني بذلك خصوص أحد جزئيه لا كلاهما ، كان ذلك دلالة تضمنية 
.
الدلالة الإلتزامية : هي دلالة اللّفظ عن معنى خارج عن الذي وضع اللّفظ بإزائه كدلالة الإنسان على (الضاحك) ، فالضاحك لا هو تمام معنى أو جزء المعنى وإنما خارج عن معنى الإنسان وهذا الإنقال يسمّى بالدلالة الإلتزامية 
.
.
 توضيح : المُلازَم في الدلالة الإلتزاميّة قد يكون :
  • ملازم مساوي 
  • ملازم أعم 
  • ملازم أخص
المُلازَم المساوي معناه  :  كلما حضر أحدهم حضر الآخر
مثال : كلّما طلعت الشّمس طلع النهار ، فالنهار ليس من  معاني الشمس ولكن هناك تلازم مساوي بينهما 
.
.
الملازم الأعم معناه :  كالزوجية للإثنين ، فالزوجية أعم من أن تكون فقط للإثنين ، فهي للأربعة و للستة الخ ، ولكنّ الزوجية مساوية للإثنين 
.
.
الملازم الأخصّ معناه : كقولنا كل من كان شاعرًا كان إنسانًا ، ولكنّ ليس كلّ من كان إنسانًا كان شاعرًا ، فالشاعرية هنا  أخصّ من الإنسانية 

المعقولات الأولية والثانوية وعلاقة الألفاظ بالمعاني

الجوهر النضيد في شرح منطق التجريد 

المبحث الأوّل : 

علم المنطّق كما عرّفه العلّامة الحلي (رحمه الله) : هو علم متعلّق بالمعقولات الثانية.
.
المعقولات التي نتعقّلها في الذّهن على قسمين 
١- أوليّ 
٢- ثانويّ
.
.
وبيان ذلك : المعقول في الذهن إمّا أن يكون له ما بإزاء في الخارج (له وجود خارجي) أو ليس له وجود خارجي 
فإن كان له وجود خارجي فهو معقول أوليّ. (كالإنسان فله وجود خارجي) 
وإن كان ليس له وجود خارجي فهو معقول ثانوي 
فنقول : والمعقول الثانويّ في الذّهن (الذي ليس له وجود في الخارج) ينقسم إلى قسمين :
.
١- إمّا أن يكون موصوفه في الخارج فتكون معقول ثالث فلسفي كقولنا ( النار علّة للإحراق ) فالعلّة لا توجد في الخارج ولكن الذهن يتعقلّها والموصوف بها هي النار المتحققة في الخارج فتكون من المعقولات الثالثة الفلسفية
٢- وإمّا ليس لها وجود ولا موصوف في الخارج كمفهوم " الكليّ" فليس له وجود خارجيّ ولا موصوف في الخارج فيكون من المعقولات الثانية المنطقية
.
ملاحظة : أُشكل على علم المنطق بأنه ليس عِلمًا إنما هو آلة، ومنشأ الخطأ لسببين 
١- مقدمة كبرى باطلة وهي ( كل ما كان آلة فهو ليس علمًا) وهذا خطأ فإن علم التّشريح علمٌ وهو آلة لغيره ولا نُسلّم بهذا الكلام
٢- ظُنَّ أن المنطّق هو آلة لجميع العلوم " مُطلقًا " وهذا خطأ فإن المنطق متعلّق بخصوص العلوم الحصولية ولا يشمل العلم الحضوري والبديهيات 
.
.
المبحث الثاني
.
شرع المحقق الطوسي (رحمه الله) في الفصل الأوّل من هذا الكتاب في بيان علاقة الألفاظ بالمعاني ..
أقول : إن كان اللّفظ يدل على تمام معناه فهو ناشئ بسبب المطابقة، وواسطة المطابقة هي الإرادة بمعنى إن إرادة المريد دائمًا منطبقة على المراد 
مثال : كدلالة الإنسان على (الحيوان الناطق)  كلتاهما معًا أي الإنسان مطابق تمامًا للحيوان الناطق
.
وإن كان اللّفظ يدل على جزء معناه فبالتضمّن 
مثال : كدلالة الإنسان على " الناطقية" وحدها أو " الحيوانية" وحدها لأن كلتاهما أجزاء لذاتيات معنى الإنسان 
.
.
وإن كان اللّفظ يدلّ على ملزومه ( المعنى ) وهذا المعنى خارج عنه أي (اللفظ) فبالإلتزام 
مثال : كدلالة (الضاحك) على الإنسان 
فالضاحك خارج عن معنى الإنسان لأن الضاحكية ليست من ذاتيات الإنسان وإنما هناك تلازم بين الضاحك والإنسان
.
ملاحظة : ليس للمنطقيّ نظرٌ في الألفاظ بما هي هي وإنّما يكون النّظر في معاني تلك الألفاظ ، وإذا نظر في الألفاظ فينظر لها بقصدٍ ثانٍ كنظره في دلالات تقسيم الألفاظ من حيث أنها مفردة أو مركّبة