الأربعاء، 14 يونيو 2017

الحمل الذاتي والحمل العرضي

الحمل الذاتي والحمل العرضي
.
قال المحقق نصير الدين الطوسي ( قدّس الله نفسه ) : كل محمول بالمواطاة وبالطبع، فإمّا ذاتيّ لموضوعه أو عرضي له .
.
أقول : بعد أن عرضنا في الدّرس السابق بأن الحمل إمّا أن يكون بالمواطاة أو بالإشتقاق، كما أنّ الحمل يكون بالطبع وقد يكون بالطبع، وبعد أن تعرّضنا لهذه الأقسام نريد الآن أن نُعطي أحكامًا خاصة، فعندنا الآن تقسيم خاص لما كان حملًا بالمواطاة والطبع فهو خاص به فقط
.
فنقول : المحمول بالمواطاة وبالطبع ينقسم إلى إمّا ذاتيّ وإمّا عرضيّ، وقيّدنا الحمل " بالطبع " ليخرج مثل قولنا
"الحيوان إنسان"، فلا الإنسان ذاتيّ للحيوان ولا هو عرضيّ له، فلا يصحّ ذلك، وجاز التّقسيم هنا أي " بالطبع " ، لأنّ المحمول إمّا أن يكون مُقوِّم للذات أو عارض للذّات ( أي = الموضوع)، لأن المحمول إمّا هو نفس ماهيّة الموضوع وإنّما يزيد على الموضوع بعوارض مشخّصة له كقولنا " زيد إنسان " ، فإن الإنسان ( المحمول ) هو عين زيد ( الموضوع )، ولكن الفارق بين الإنسان وزيد هو العوارض المشخّصة لزيد، فبهذه المشخّصات أصبح زيد " جزئيًا ".
.
وإمّا أن يكون المحمول ليس هو نفس الموضوع وإنّما جزء مُقوِّم لحقيقة الموضوع كقولنا " الإنسان حيوان " ، فالحيوانية ليس هي تمام مفهومية الإنسان وإنّما جزء من حقيقة الإنسان، فيقال لكلا القسمين أعلاه ( حملًا ذاتيًا )، فالحمل الذاتي إمّا أن يكون المحمول هو تمام حقيقة الموضوع أو جزء من حقيقة الموضوع .
.
.
وأمّا (الحمل العرضيّ) فالمحمول فيه لا يكون هو تمام حقيقة الموضوع ولا هو جزء حقيقة الموضوع، وإنّما يُحمل على الحقيقة نسوبًا اليها ( عارض لها ) كقولنا : (الإنسان ضاحك) فالضاحكية ليست هي تمام حقيقة الموضوع ( الإنسان ) وليست هي جزء الحقيقة، وإنّما الضحك عرض للموضوع ( الإنسان ).


مفهوم الذاتيّ
.
لتوضيح مفهوم الذاتيّ لابدّ من توضيح بعض الأمور وهي : 
مُقوِّم الشيء على قسمين :
  • مُقوِّم ماهية
  • مُقوِّم وجود
الماهيّات المركّبة في الخارج تحتاج لنحوين من العلل

  • علل قِوام : يُراد منها [ الأجناس ، الفصول ] بمعنى متوقّفة معقولية الشيء عليها، فلا يُمكن تعقّل الإنسان بدون تعقّل جنسه وفصله ( الحيوان الناطق)
  • علل وجود : يُراد منها فهو الشيء الذي يحتاج إلى [ علّة فاعلية ، علّة غائية ] 


فنقول : الذاتيّ هو ما يُقوّم ذات الشيء [ غير خارج عنه ]، فقولنا : ما يُقوِّم ذات الشيء، أي أن الماهيّة في الخارج لا تتحقّق إلّا بها سواء كان هذا الذاتيّ هو نفس الماهيّة [ مع الفرق بين العوارض المشخّصة ] ، كالإنسانية لزيد وعمرو، فإن خواص الذاتيّ موجودة فيها، أو جزء منها كالحيوان للإنسان أو الناطق، وقيّدنا الكلام بـ [ غير خارج عنه ]، لأن المُقوّم الذاتي إمّا مقوِّم ماهية أو مُقوِّم وجود، ومقوِّم الوجود خارج عن الماهية إذ مقوّم الوجود يُراد به [ العلّة الغائية ، الفاعلية ] .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق