الخميس، 10 أغسطس 2017

تركيب المتّصلة اللزومية

تركيب المتّصلة اللزومية
قال المحقق الطوسي ( رحمه الله ) : والكاذب يستلزم الكاذب أو الصّادق، والصادق لا يستلزم الكاذب وقس الممكن والمحال عليهما 
-
الشرح : بعد أن بيّنا فيما مضى من الدروس بأنه لا علاقة في صدق القضية بصدق أو بكذب ما تتألف منه، نريد الآن أن نشير إلى ظاهرة في القضية الشرطية، القضية الشرطية قد تكون أجزاؤها صادقة أو تكون أجزاؤها كاذبة وهذا يستلزم شيء، نحن ذكرنا أنّ صدق المقدّم أو كذبه، لا يؤثر في صدق أصل القضية أو كذبها، ولكن هناك ملاحظات نلاحظها في القضية الشرطية، وهو أن الشّرطيّة قد تتألّف من مقدّمٍ صادق ويستلزم منه تالي صادق، وقد تتألّف من مقدّم كاذب ويستلزم منه تالي صادق أو كاذب، وقد تتألّف من ممكن وينتج عنه ممكن وقد تتألّف من محال وينتج عنه ممكن أو محال، فكل هذه الظواهر ملحوظة في القضية الشرطية
عندما قال المحقق  (الكاذب يستلزم الكاذب أو الصّادق) معناه أن هناك علاقة بين اللازم والملزوم (ملازمة) فاللازم للشيء قد يكون بحسب الفرض مساويًا له وقد يكون أخصّ منه وقد يكون أعمّ منه وقد يكون مباين له، فالتالي وهو (اللازم) بالنّسبة إلى الملزوم وهو (المقدَّم) إمّا مساوي وإمّا أخص وإمّا أعم وإمّا مباين له.
فهل يمكن أن تكون هناك ملازمة بين شيئين بحيث يكون اللازم (التالي) بالنّسبة إلى الملزوم ( المقدَّم) بأن يكون أعمّ منه؟ نعم يمكن ( فإذا وجود الإنسان يلزم من وجوده وجود الحيوان) فالحيوان أعمّ من الإنسان فتكون ممكنة . 
وهل يمكن من أن تكون هناك ملازمة بين شيئين بحيث أن اللازم أخصّ من الملزوم ؟ لا يمكن ولا ملازمة عقلية ، (إذ لا يلزم من وجود الحيوان وجود الإنسان)
وهل يمكن وجود ملازمة بين مقدّم وتالي متساويين؟ نعم ممكن فاذا صدق المساوي لزم صدق المساوي له، (فإذا ثبت أن هناك إنسان لزم قطعًا أن هناك ناطق موجود)
وهل يمكن وجود ملازمة بين مقدّم وتالي متباينين؟ كلا، (فلا يلزم من وجود الإنسان وجود الحصان)، اذا فهمنا ذلك عرفنا بأن صدق المقدّم يلزم منه صدق التالي الأعم منه وصدق المساوي له، وليست هناك ملازمة بين صدق المقدّم وصدق التالي الأخص والمباين له، وهذا كلّه في جانب الصّدق . 
أمّا في جانب الكذب ، فإذا كذب المقدّم هل بالضرورة يكذب معه التالي الأعم؟ لا ، فيمكن أن يجتمع كذب المقدّم وصدق التالي الأعم منه ، ( فإذا كذب وجود الإنسان لا يعني كذب وجود الحيوان)
وأمّا الأخصّ منه ، ( فإذا كذب وجود الحيوان يلزم منه كذب وجود الإنسان) 
وأمّا إذا كانا متساووين (فكذب وجود الإنسان يلزم منه كذب وجود النّاطق)
وأمّا المباين ( فكذب وجود الإنسان لا يلزم منه كذب وجود الزرافة) 
فالخلاصة : إنّ صدق المقدّم يستلزم صدق التالي، وكذب المقدّم يستلزم منه إمّا صدق التالي أو كذبه، وأمّا الممكن والمحال ، فالممكن هو الصادق والمحال هو الكاذب، فالمحال يلزم منه الممكن، والممكن لا يلزم منه المحال 
فقول الله تعالى ( لو كان فيهما آلهة إلّا الله لفسدتا) فوجود الآلهة ( محال ) ولكن يلزم منه أمر ممكن وهو ( فساد السماوات والأرض) ،
ولكن الممكن لا يلزم منه المحال فمعنى إمكان الملزوم إمكان اللازم معه كقولك : (كلما كان الإنسان حيوانًا كان جسمًا) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق