السبت، 25 نوفمبر 2017

متابعة المقالة الثالثة ( العلم والادراك)

إشكال الماديون :
-
كان الكلام في المقالة السّابقة في الدليل الأول على تجرّد العلم والادراك وكان هذا الدليل يبتني على أنّ المادة لها مجموعة من الخصائص والآثار لا تنطبق على العلم والادراك، فلا يكون العلم نشاطًا ماديًا
.
وأشكل الماديون على هذا، فحاصل اشكالهم إنّ قضية استحالة انطباع الكبير في الصغير قد حلّها العلم الحديث، فالعلم الحديث عندما بيّن لنا حقيقة الإبصار عند الإنسان وضّح لنا بأنه لا يوجد كبير منطبع في صغير حتى يقال بالاستحالة، وإنما هناك أشعة تخرج من الأجسام وبعد اختراقها لقرنية العين تقوم هذه الأشعة بالتمركز في النقطة الصفراء للعين فالإنسان يرى هذا الشعاع المتمركز عنده في النقطة الصفراء
.
والجواب : نحن لا ننكر هذه الأمور العلمية ونسلّم بها، ولكن هذا الدليل يبقى صحيحًا وقائمًا فلا يرد اشكالكم عليه!، فبعد عملية الإبصار تحصل صور كبيرة في ذهن الإنسان وبالتالي تحصل ظاهرة العلم !! فيبقى هذا السؤال ما هو محلّ ظاهرة العلم؟ إن قلتم الدماغ عاد نفس الإشكال لأن هذه الصور الادراكية كبيرة وواحدة لا تتجزئ وهذا محال لاستحالة انطباع الكبير المادي ( الصور ) في الصغير المادي ( الدماغ )
-
الدليل الثاني على تجرّد العلم :
.
قال المصنف -ره- : لو أخذنا أيّ قضية مثل ( هذا الجسم أبيض ) فهي مركّبة من جزئين من موضوع ومحمول
الموضوع = الجسم  ،، المحمول = أبيض ،، وكلاهما ينقسمان إلى أجزاء فالجسم له أجزاء وكذلك الأبيض له أجزاء، ولكن في نفس الوقت نجد أن الجزء الآخر من القضايا التصديقية ألا وهو ( الإذعان ) => (الحكم)،، فهذا الحكم والإذعان بأنّ هذا هو ذاك،، لا يتمتّع بأي خاصية من خصائص المادّة، فالتصديق (الإذعان) ليس مركبًا من أجزاء، فاذعان النّفس بأن الجسم أبيض غير قابل للتقسيم ولا فواصل فيه، فلو كان الإذعان من المادّة لكان قابلًا للإنقسام والتجزئ، ولكن لا يوجد جزء أول من اذعان وحزء ثاني وجزء ثالث، بل هو أمر بسيط غير مركّب حاصل في النّفس، وهذا كاشف على أنه ليس ماديًا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق