السبت، 18 نوفمبر 2017

متابعة المقالة الثانية

[ ملاحظات على ما تقدّم ]
-
قال المصنف -ره- :
.
الملاحظة الأولى : لا ينبغي أن نحشر كل من أنكر لونًا من ألوان الواقع الخارجيّ في المثالية ونعدّه سفسطائيًا مثل : ( ديكارت ) فديكارت أنكر الخواص الثانوية للأجسام، فديكارت قسّم الأجسام إلى خواص هندسية مثل الحجم والطول والعمق والخواص الثانوية هي كاللون والرائحة فزعم ديكارت بأنها أمور موهومة ومن صناعة الذهن لا وجود لها، وكذلك بعض الفلاسفة قالوا بأنّ هذا العالم مجرد عن المادّة فأنكروا وجود المادة فيه، وكذا بعض العرفاء الذين أنكروا المنهج الاستدلالي وغيرهم، فهم لم ينكروا الواقع الخارجي ولم ينكروا بأنّ العلم كاشف عن الواقع بل لكلِّ منهم منهجًا في الاستدلال عن الواقع .
-
الملاحظة الثانية : أراد المصنّف -ره- أن يدرج أصحاب نظرية الشبح في الوجود الذهني في المثالية والسفسطة، وادراج أصحاب الفلسفة الماركسية والمادية الديالكتيكية في المثالية بناءً على تفسيرهم للعلم بأنه نشاط عصبي ماديّ محلّه الدماغ وليس أمرًا مجرّدًا، ولكن لابدّ من التعريف بكلا النظريتين إجمالًا :
-
نظرية الأشباح في الوجود الذهني : من الواضح جدًا أن بحث الوجود الذهني تعتبر من أهم المباحث في الفلسفة الإسلامية لأنه يتعلق بتفسير كنه العلم والادراك عند الإنسان، في المنطق قُسِّم العلم إلى حصولي وحضوري ؛ الحضوري هو ما كان حاضرًا لدى العالم كعلم الإنسان بخوفه أو نفسه، والحصولي هو حصول صورة الشيء لدى العالم، أيّ انطباع صورة الحجر في الذهن فمن هنا نسأل : ما هي علاقة صورة الحجر في الذهن بنفس الحجر في الواقع الخارجي؟ نقول : هناك نحو من التطابق بين الصورة في الذهن والأشياء الخارجية وهذا التطابق بسبب حصول ماهيات الأشياء الخارجية في ذهن الإنسان، فالشيء الخارجي يتحقق له وجود آخر عند الإنسان فلذلك الإنسان يلتفت إليه ويدركه، وهذا الوجود الآخر هو الوجود الذهني، ولكن طبيعة هذا الوجود الذهني يختلف الوجود في الخارج، فالوجود الخارجي للنار تترتب عليها الآثار الخاصة بها في الخارج وهي الإحراق ولا تترتب على الوجود الذهني للنار،، وبرغم الاختلاف إلّا أنه هناك [ اتّحادًا ماهويًا ] للشيء الخارجي بين الوجود الخارجي والوجود الذهني، فماهية النار هي نفسها ماهية النار في الذهن، إلّا أنها تحرق في الوجود الخارجي ولا تحرق في الوجود الذهني، وبدون هذه الوحدة الماهوية سيعجز الإنسان عن الكشف عن الواقع فانكار هذه الوحدة الماهوية يعني انكار كاشفية العلم عن الواقع الخارجي، فذهب البعض إلى انكار هذه الوحدة وقال أن صورة زيد في الذهن هي شبيهة لزيد في الخارج وليست هي عينه في الخارج ماهيةً فالعلاقة بينهما علاقة تشابه مثل زيد و صورته في المرآة ( يظهر شبح عن الأشياء في الذهن ) ، وبهذا يدرجهم المصنّف -ره- في زمرة المثاليين لانكارهم كاشفية العلم عن الخارج
-
وستأتي نظرية المادية الديالكتيكية في مقالة أخرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق