الاثنين، 13 نوفمبر 2017

متابعة المقالة الأولى

[ مجموعة من النتائج والملاحظات على ما تقدّم ]
-
من خلال ما تقدّم من المقالة السابقة نخرج بملاحظتين
.
١- إن سنخ البحث الفلسفي يختلف عن سنخ البحث العلمي منهجًا ونتائجًا وموضوعًا، وعلى أساس هذا الاختلاف، فإن مسائل العلوم ومعطياته ليس من أجزاء البحث الفلسفي ومسائله وإن اعتمدت الفلسفة في بعض الأحيان على البحث في أخذ الصغريات والمقدّمات من البحث العلمي.
-
أشكل الماركسيون على أن الفلسفة الميتافيزيقية تعتمد على مجموعة أحكام عقلية [ قبليّة ] لا تعدو على أن تكون مجرّد أوهام وبالتالي لا قيمة للفلسفة الميتافيزقية، ولكن الفلسفة الماركسية تعتمد على نتائج ومعطيات العلم ، والعلم في كل يوم في تقدّم وحركة وتطور، لذلك هي تحظى بالقيمة والاعتبار وليست ساكنة وثابتة كالميتافيزيقيا
-
والجواب : تقدّم سابقًا إنّ البحث العلمي يختلف على البحث الفلسفي، والفلسفة ليست هي العلم من ناحية المنهج والموضوع والنتائج، وإن السبب في ثبات الفلسفة الميتافزيقية راجع إلى القضايا العقلية البديهية وهذا ينتج رؤى ومقدّمات ثابتة، وهذا الثبات ليس نقصًا، والعلم متحرك ومتطور راجع إلى الاعتماد على الفروض ، وكل فرض يحظى بمؤيدات وشواهد تجريبية يصلح أن يكون تفسيرًا لظاهرة معيّنة
-
٢- اتضح سابقًا إن العلوم تحتاج إلى الفلسفة في إثبات وجود موضوعاتها، والعلم التجريبي لا يثبت وجود موضوعه بل يأخذه كمسلّمة أيّ مفروغ الوجود فيبحث العلم عن عوارضه وأحكامه بينما الفلسفة تثبت أصل وجود هذا الموضوع من عدمه
فلا يمكن للتجربة أو الحس أن تثبت وجود المادة، فمثلًا ( الوردة ) نحن غاية من نحس بها طعمها بحاسة التذوق ولونها بالبصر وريحها بالشامة، وهذه كلها عوارض للوردة وليست الوردة نفسها بل هي شيء آخر بل هي [ جوهر ماديّ ] الذي تجتمع حوله هذه العوارض، فالتجارب غاية ما تبحث عنه هي هذه العوارض، وأما المتكفل في إثبات وجود هذه التفاحة كجوهر مادي تتكأ عليه هذه الأعراض هو البحث العقلي الفلسفي، ومن جهة ثانية إن أحكام الفلسفة إثباتًا ونفيًا تختلف عن أحكام العلوم إثباتًا ونفيًا من حيث الإطلاق والتقييد، فالفلسفة عندما تثبت وجود شيء فهي تثبت وجوده مطلقًا لأن موضوعها مطلق الوجود، بينما العلم مقيّد بالدائرة المادية، لأن موضوع العلم كما قلنا [ الموجود الذي هو جسم] فليس من صلاحيات العلم إثبات أو نفي ما هو خارج عن المادّة فلا يمكن للعلم أن يثبت استحالة وجود شيء خارج إطار المادّة، وبالتالي فلا يمكن للعلم أن يثبت استحالة وجود الله سبحانه أو المجردات كالنفس وغيرها..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق