الأربعاء، 25 أبريل 2018

ضرورة الإمامة عند الشيعة وهل هي بالنص من النبي أم باختيار الناس؟ ج٢

وقد ساق الإمامية أيضًا دليلًا عقليًا يشبه الدليل الآنف ذكره لكنه بتقريب فلسفي ومفاده أن إذا كانت النبوّة لطفًا ورحمة فكذا الإمامة فإذا تبين من أنها لطف والمفروض أن لا يقترن بمانع يمنع الله عنه، فهو بمقتضى علم الله تعالى بالنظام الأحسن والأصلح واطلاق كماله وحكمته تعالى، فواجب أن يصدر عنه هذا اللطف وإلا للزم أن يكون جاهلًا بالنظام الأصلح وقد تبيّن أن الله تعالى عالم وحكيم باطلاق وعليه ما يؤول في تقريب لزوم الإمامة من أنها واجب بسبب حكمته تعالى وعلمه بالنظام الأصلح .
-
ويتضح من خلال ذلك أن الناس ليس بيدهم اختيار الامام والخليفة بعد النبي، لأن من شروط الإمامة أن يندفع بها الضرر وأن يهدي الإمام الناس إلى جادة الخير ويمنعهم عما فيه فسادهم هذا إن كانت الإمامة بيد الله تعالى، وأما إذا كانت بيد الناس فالأمر على عكس ذلك، فالناس كل يقدّم مصالحه على الآخرين مما ستسود معه الفوضى و يؤدي ذلك إلى الفتنة لاحتمال أن يبايع كل جماعة إمامًا خاصًا لهم فيقع التحارب والتناحر بينهم فينتفي الغرض من الإمامة وهو رفع الخلاف بين الناس، فلما كانت الإمامة منصب الهي عند الشيعة فلا يحقّ لأحد اختيار الإمام وتنصيبه سوا الله، ولو كانت بيد الناس لامكن ان تتحكم فيهم العواطف والمحسوبيات بدلًا من تحكيم الملاكات الحقيقية وحيث أن الناس أو أعضاء الشورى غير متصفين بالعصمة فقد يختارون إمامًا جاهلًا بأحكام الدين  وهذا فقد يؤدي إلى ضلالة الناس وضياع الدين وظهور البدعة وهذا نقض للغرض الإلهي من انزال الدين
-
وأما الأدلة النقلية التي يستدل بها الإمامية التي تدل على لزوم وجود الإمام مثل قوله تعالى " واذا قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة " وحيث أن الآية لم تكن مقيدة بمخلوق معيّن ، فيتضح منها أن الإنسان خليفة الجاعل وهو الله، كما أن عدم ذكر ما استخلف عليه يدل على خلافته الشمولية لكافة الشؤون والأمور وقوله " إني جاعل في الأرض خليفة" يفيد الدوام والاستمرارية من بدء الخلقة إلى يوم القيامة، وهذا يدل على أن الله هو الجاعل للخليفة لا الناس يختارون وينصبون الخليفة، وإلا للزم أن لا يوفي الله بعهده فيجعل الخلافة في زمان دون زمان وقد قالوا بأن الآية تفيد الاستمرارية والدوام فلا يصح اختيار الناس للخليفة، وإنما هي جعل الهي.
-
واستدل الإمامية بقوله تعالى لابراهيم عليه السلام "إني جاعلك للناس إمامًا قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين" فقال الإمامية : أن إمامة ابراهيم كانت بعد نبوته فأن الله جعله إمامًا بعد كثرة ابتلاءته، ثم سألها ابراهيم عليه السلام لذريته ، فأجاب الله عليه أن هذا المقام لا يناله الظالم (لا ينال عهدي الظالمين ) ويتضح من الآية إن الإمامة عهد من الله للإنسان الكامل، فلا يصحّ عندها اختيار الناس للإمام لأن الظالم لا يكون إمامًا وغير الظالم هو فقط المعصوم والمعصوم لا طريق لتعيينه إلا من قبل الله، هذا مضافًا أن سؤال ابراهيم الله هذا المقام لذريته شاهد على عظمة هذا المقام فالإمامة بقيت في نسل ابراهيم الا أن الله حرم الظالمين هذا المقام، ويؤيده قوله تعالى
 " وجعلها كلمة باقيه عقبه
-

وكذلك استدلّ الإمامية بالسنة المتواترة عند الفريقين وكما ورد في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وآله : لا يزال هذا الدين عزيزًا حتى يمر عليكم اثني عشر خليفة كلهم من قريش وفي مسند أحمد : دخل رجل على عبدالله بن مسعود فسأله هل سألتم رسول الله كم يملك هذه الأمة خليفة ؟ قال نعم وقال : إثني عشر خليفة عدتهم كعدة نقباء بني إسرائيل ، وكما لا يخفى أن نقباء بني اسرائيل كانوا خلفاء بالنصّ والجعل الإلهي قال تعالى ( ولقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم إثني عشر نقيبًا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق