الأربعاء، 25 أبريل 2018

ضرورة الإمامة عند الشيعة وهل هي بالنص من النبي أم باختيار الناس؟

يقول العلامة المظفر : إن الإمامة لا تكون إلا بالنصّ من الله تعالى على لسان النبي أو لسان الإمام الذي قبله، وليست هي بالاختيار والانتخاب من الناس.
الشرح : يعتقد الشيعة الإمامية إن الإمامة أصل من أصول الدين ويقع الكلام أولًا في معنى الإمامة لغةً : وهي تقدّم شخص على الناس يتبعونه ويقتدون به 
-
ومعنى الإمامة اصطلاحًا عند الشيعة هي : الخلافة الكلية الإلهية عن النبي عليه الصلاة والسلام ومن آثار هذا التعريف تأتي الإمارة والخلافة الظاهرية للنبي ، لأن ارتقاء الإمام إلى المقامات الإلهية المعنوية يوجب أن يكون زعيمًا سياسيًا لإدارة المجتمع الإسلامي أيضًا، فالإمام هو الإنسان الكامل الإلهي العالم بجميع ما يحتاج إليه الناس في تعيين مصالحهم ومضارهم ويكون معصومًا من الخطايا والذنوب وحافظًا لدين الله ومقيم للعدل، ومن الواضح أن نظرية الإمامة عند الشيعة ليست مقتصرة على الحكم الظاهري ( السياسي ) فقط، بل الإمامة عندهم هي المرجعية الدينية ومهمة الامام التشريعية تمتد إلى العقائد والأحكام والأخلاق والقيادة ويلزم من كونه مرجعًا دينيًا أن يكون حاكمًا سياسيًا أيضًا لا كما يعتقد أهل السنة أن الإمامة والخلافة فقط مقتصرة على السياسة ، وهذا الدور للإمام ( المرجعية الدينية ) له عدة شرورط وهي النصب الإلهي والعصمة  
-
ثانيًا : يسوق الإمامية عدّة دلائل عقلية على وجوب نصب الإمام من الله تعالى والدليل الأول هو دليل اللطف فيقال : إنّا نعلم أن الناس إذا كان لهم رئيس مرشد مُطاع ينتصف للمظلوم من الظالم ويردع الظالم عن ظلمه، كانوا إلى الصلاح أقرب ومن الفساد أبعد فتكون الإمامة لطفًا وهي واجبة من الله تعالى لأن اللطف كما عرفه الفاضل المقداد السيوري : "هو ما يقرّب العبد إلى الطاعة ويبعده عن المعصية ولا حظ له من التمكين ولا يبلغ الالجاء"، ومعناه أن يبقى الإنسان مختارًا وليس مجبورًا على الطاعة أو المعصية ، لكن كما ذكرنا أن الإمام يكون مرشدًا وسبب وجوبه أنه لو لم يكن اللطف واجبًا من الله لكان ناقضًا لغرضه ونقض الغرض قبيح عقلًا، وبيان ذلك : انّ الله تبارك وتعالى أراد من العبيد أفعالًا (كالصلاة والصوم والحج)، والله يعلم بأن العبد لا يفعل هذه الأفعال إلا بوجود فعل يفعله الله مع العبد مثل الملاطفة أو ارسال اليه شخص أو مكاتبة، ولو لم يفعل الله ذلك من مكاتبة او ارسال الخ .. لما علم العبد ما يريده الله منه، فمثلًا : فالله يريد من العبد الصلاة مثلًا وحيث أن العبد لم يصله اللطف من ارسال الأنبياء أو الإمام ونحوه لأمره بالصلاة عندها يتعذّر على العبد معرفة أنه مُكلَّف ويتعذّر عليه القيام بالتكاليف وهذا نقض لغرض المُكلِّف وعندها يكون العبد مكلَّفاً بما لا يطيقه وهو قبيح والله منزّه عنه وهذا نقض لغرض التكليف كما ذكرنا فيتعين أن اللطف واجب بمقتضى تنزهه عن القبح وثبوت لطفه، وهذا المعنى (تقريب العبد إلى الطاعة وابعاده عن المعصية) وهذا المعنى حاصل في الإمامة، واستدل الإمامية بدليل عقلي آخر وهو وجوب نصب الإمام من الله هو كون الإمام معصومًا من الخطأ والذنوب فقالوا : إن الحاجة الداعية إلى الإمام هي ردع الظالم عن ظلمه والانتصاف للمظلوم وحفظ الشرع فلو أخطأ الإمام وارتكب ذنبًا لزم أن يحتاج إلى إمامٍ آخر يقوّم له خطأه سواء في الشرع أو الانتصاف ، فعندها يجب الإنكار على الإمام في حال صدور الذنب منه فيسقط محلّه من القلوب ( فكيف يقبل قوله وهو يفعل المنكرات ؟! ) ولانتفت فائدة نصبه لأنه نُصِّب هاديًا والحال أنه صار مهديًا، فتنتفي الفائدة من نصبه ( الانقياد إلى أمره ونهيه) ، وإن لم ينكر على الإمام خطأه لزم سقوط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذا باطل، فنتيجةً لأدلة العقل هذه يكون الإمام معصومًا، والعصمة أمر باطنيّ خفيّ لا اطلاع لأحد عليه إلا الله، فلا يحصل حينئذٍ العلم بها في أي شخص، إلا باعلام عالم الغيب وذلك يحصل على لسان النبي فيخبرنا النبي بعصمة هذا الإمام من بعده وينصبّه للناس، فعلى هذا الأساس يقول الإمامية إن الإمامة استمرار للنبوّة فالدليل الذي يوجب ارسال الأنبياء من الله هو نفسه يوجب أيضًا نصب الإمام من قبله بعد الرسول.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق